صراحة نيوز – د . صبري الربيحات
لا أحد يتعرض للنقد والتجريح واللوم اكثر من النخب الأردنية. البعض يتهمها بالغياب وآخرون يتهمونها بالتقصير. وهناك خلط وتجن وسوء فهم لمعنى النخبة وأدوار اعضائها وعلاقاتها بالسلطة الحاكمة. عن اي نخب يتحدثون: هل المقصود بالنخب كبار الموظفين ممن تقاعدوا؟ أم أهل الفكر والخبرة؟ أم رؤساء الوزراء والوزراء السابقون ؟ وما المقصود بالتدخل؟ وما صيغته وشكله ومداه؟
في كل مرة تظهر فيها ازمة جديدة يتوجه الجميع باللوم إلى النخب ويتهمها بالغياب عن الساحة او الابتعاد عن مسرح صناعة القرار او الاشتباك مع قضايا المجتمع. البعض يحرض على النخب وكأنها لا تتعرض هي الاخرى إلى تهميش واقصاء.
في الاردن لا يوجد تعريف دقيق للنخبة ولا حدود واضحة لعضويتها فهي تضم افرادا يمكن ان يعتد بفكرهم ومعرفتهم وحكمتهم ومشورتهم وتحترم تجربتهم كما قد تشتمل على اشخاص قادتهم الصدف ليكونوا اعضاء فيها إما بحكم الموقع الذي اسند لهم او الثروة التي جنوها او الشهرة التي تحققت لهم.أيا كان التعريف يمكن القول إن الجميع في الأردن منشغل بقضايا البلاد وتحدياتها يطريقته الخاصة ومن موقعه الفكري السياسي الاجتماعي واحيانا الطبقي لكن المواقع والادوار والانتقائية هي التي تحدد وتظهر المشاركة وحجمها.
ما يغيب عن أذهان من ينتقدون النخبة ان الدولة تعرف نخبها السياسية وتنتقي اللاعبين في كل مرحلة وتضعهم في مجالسها ولجانها وهيئاتها التنفيذية والاستشارية والقانونية.ومن المفترض ان يحتوي مجلسا الاعيان والنواب على ما يقارب 180 شخصية فكرية وسياسية يجري انتخاب ثلثيها من قبل الشعب وتحوي في صفوفها خبراء في السياسة والقانون والفكر والاقتصاد ويحمل الاعضاء نظرة شمولية للعالم والاقليم والدولة ويوجهون البلاد من خلال التشريعات الممكنة للنشاط والمزيلة للعوائق والعقبات ويمارسون الرقابة على مسيرة الدولة وفقا لاحكام الدستور.
الثلث الآخر من مجلس الأمة يختاره الملك من صفوة رجال ونساء المجتمع ممن يملكون الخبرة والمعرفة ويتحلون بقيم العطاء والمواطنة يعون ما يدور في العالم ويستطيعون ان يساعدوا في قيادة دفة البلاد نحو بر الامان والمستقبل الآمن. اضافة إلى كل ذلك وإلى جانب الحكومة والمستشارين تطل النخب على قضايا المجتمع وتقدم مقترحاتها من خلال اللقاءات والاجتماعات والمشاورات.
اشتباك النخب مع القضايا او عدمه بحسب هذا التعريف مرتبط بنجاح او فشل الدولة في اختيار وتوظيف رجالاتها. في حالات عديدة جرى ترشيح واختيار الاشخاص لمواقع استشارية وتنفيذية متقدمة دون التحقق من أحقية او جدارة هؤلاء الاشخاص بالموقع.
بعيدا عن المجالس واللجان والهيئات تعقد المؤسسات وصناع القرار اجتماعات دورية مع بعض الخبراء والمستشارين واهل الفكر والحكمة.
غالبية الاجتماعات لا تعدو كونها مناسبات وأحداثا شكلية لا تفضي إلى نتائج ملموسة.في الغالب وبالرغم من الاشادة التي يستهل فيها المسؤولون كلماتهم الترحيبية والاشارات المتتالية إلى اهمية اللقاءات وتطلعهم إلى سماع آراء وأفكار ومقترحات المشاركين إلا أن الاجواء التي تعقد فيها الاجتماعات ومحدودية الوقت المتاح عوامل لا تسمح بالبحث العميق الشفاف للموضوعات ولا تتيح فرصة كافية لطرح افكار ومقترحات متكاملة ومجدية.
حتى في الحالات التي يملك فيها الخبراء آراء ورؤى لتجاوز التحديات وتقديم الحلول للتحديات والأزمات التي تواجهها البلاد لا يجد المسؤول متسعا من الوقت لسماع المقترحات الجديدة فهو ومن حوله منشغلون في الاشتباك مع القضايا بطرق وآليات ونهج لا يحتمل تصورات جديدة.