وهي تمنح قروضا بسيطة للمشاريع الصغيرة تبدأ من 250 دينارا وتصل أحيانا الى ثلاثة ألاف دينار، الى هنا والامر في غاية البساطة، فهذه الشركات مسجلة لدى مديرية مراقبة الشركات على أنها (غير ربحية)، بمعنى أنها لا تسعى وراء تحقيق ارباح ولا توزع أرباحا على الشركاء، وما تحققه من أرباح -يفترض أنها رمزية- يضاف الى رأس المال ويصرف في مجال أهداف وغايات الشركات، وهذا يدل على سمو أهداف الشركاء الذين يسعون لخدمة المجتمع المحلي لا أكثر ولا أقل، علما أنها لا تعلن عن نفسها على انها شركات، وانما تتخذ مسميات أخرى تشير الى غايات تأسيسها.

 

هذا من الناحية النظرية، أما من الناحية العملية فان البنوك التجارية أرحم بكثير من بعض تلك الشركات (غير الربحية)، فالفائدة البنكية حاليا تصل في أسوأ الاحوال ما بين عشرة الى اثنتي عشرة بالمائة، أما فائدة بعض تلك الشركات فانها تصل الى اثنتين وعشرين بالمائة.

 

وبما أنها شركات غير ربحية فقد يتوهم بعضنا أن الشركاء في الشركة يقدمون أموالهم لاقراضها للفقراء ولا ينتظرون منهم جزاء ولا ربحا ولا شكورا غير أن البحث في مصادر تمويل تلك الشركات يقول أنها لا تعتمد على جيوب الشركاء وانما تعتمد على مصدرين (القروض والتبرعات).

 

فأما القروض فالمقصود بها أنها تقترض وتعيد الاقراض، لنكتشف أن بعضها يقترض من صندوق التنمية والتشغيل بفائدة تقل عن 6% وتعيد الاقراض الى ربات البيوت وأصحاب المشاريع الصغيرة بضعف الفائدة وأكثر، والسؤال لماذا؟؟ لماذا لا تكون العلاقة مباشرة بين المقترض وبين صندوق التنمية والتشغيل؟؟ لماذا يمنح صندوق التنمية والتشغيل أمواله لشركات وسيطة وان كانت غير ربحية، ولا يستعملها هو لدعم المشاريع الصغيرة مباشرة؟؟

 

والسؤال الاكثر أهمية ما الذي تفعله تلك الشركات بهامش الربح الكبير بعد أن أصبحت بنوكا تجارية (غير معلنة)، بالطبع هي لا توزع أرباحا، ولكنها توزع (رواتب) وتنشىء (مكاتب)، وتحتاج الى سفريات وسيارات ومياومات، مجرد نفقات ادارية بالمفهوم الجديد لتبديد المال العام.

 

وأما المقصود بالمصدر الثاني وهو التبرعات، فهو المساعدات الآتية من المنظمات والمؤسسات والحكومات الاجنبية، وبالرغم من أنها (هبات) الا أن بعض تلك الشركات تقوم باقراضها بفائدة وتحقق ارباحا تذهب في سبيل الترفيه عن الشركاء والموظفين وراحتهم والرقي ببيئة العمل المفترض أن تكون في القرى والمزارع وليس في المكاتب المكيفة وللعلم فان بعض المساعدات الاجنبية تكون أحيانا كقرض بفائدة رمزية لا تتجاوز ثلاثة بالمائة بهدف أعادة اقراضها بهامش فائدة متدن الا أن أحدى تلك الشركات تحصل على قروض من وكالات تنمية دولية بفائدة 2% وتعيد أقراضها لصغار الحرفيين بفائدة 8%.

 

وللعلم فقد بلغ عدد مؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة في الاردن كما يلي (خمس مؤسسات حكومية، ثماني مؤسسات أهلية، ثلاث مؤسسات أجنبية)، ومن العجب أن غالبية المؤسسات الاهلية تأخذ من أموال المؤسسات الحكومية وتعيد إقراضها بربح ومن هنا فان الخاسر هو المقترض المستهدف بعملية تجارية غير إنسانية.

 

لابد من عودة مفصلة الى هذا الموضوع من خلال قراءة في الميزانيات السنوية للشركات غير الربحية المقصودة ان قبلت إطلاعنا عليها، ولا أظنها تقبل.