صراحة نيوز – بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران
في الحقيقة أننا تأثرنا كغيرنا بدموع الحزن في عيون رئيسة كرواتيا عندما بكت مع قائد منتخب بلادها حزناً لعدم وصولهم إلى حلمهم بالفوز بكأس العالم لكرة القدم للمرة الأولى في تاريخهم قبل أيام وأكبرنا فيها حسها الوطني الكبير، لكن ذلك لم يمنعنا من التوقف طويلاً عند المعلومات التي تناقلها الكثيرين عنها قبل ذلك بفترة قصيرة، تحديداً منذ إنتشار “فيروس” الرئيسة الكراوتية بين الجماهير لتصبح نجمة الجماهير الأولى حتى وصل الحال بالبعض لأن يتمناها رئيسة لبلاده، حيث أنها بحسب بعض ما نشر عنها: باعت الطائرة الرئاسية الخاصة، وباعت عدد (35) سيارة نوع (مرسيدس) لنقل الوزراء وأودعت عوائدها لخزانة الدولة، ورفضت بيع وتخصيص مؤسسات القطاع العام الاستراتيجية، وخفضت راتبها إلى (30%) ليتساوى مع متوسط مرتبات عامة الناس، وألغت علاوات وحوافز الوزراء والسلك الدبلوماسي، وقلصت سفارات وقنصليات وممثليات بلادها في الخارج للحد من الاسراف وتوفير العملة الصعبة، وألغت الضرائب على محدودي الدخل، وحاربت الفساد في كل دوائر الدولة، والحقيقة أننا إنبهرنا بهذه المعلومات في البداية إلا أن هذا الانبهار لم يدم طويلاً بعدما تبين لنا بعد البحث والتمحيص حقيقة أن كل هذه المعلومات لا تمت للواقع بصلة، فالنظام السياسي في كرواتيا هو نظام برلماني رئيس الدولة فيه ليس له أي صلاحيات إقتصادية أو سياسية، وتتركز كل هذه الصلاحيات بيد رئيس الوزراء وحكومته “كالنظام في ألمانيا” حيث يكون منصب رئيس الدولة “شرفياً” وليس له أي علاقة بالشأن الداخلي للدولة، لنتأكد بأن كل هذه المعلومات لم تكن أكثر من “قصيدة شعر” كتبها أحد من سحرتهم عيون الرئيسة الشقراء على ما يبدو !
وقد وصلنا قبل فترة مقطع مصور لأحد الأشخاص يتحدث فيه عن إعتقاد الخبراء أن الماء يفقد نسبة كبيرة من قيمته الطبيعية لدى مروره بالأنابيب فلا يستفيد الشارب منه، وقد اصطلحوا على تسميته “أي الماء الذي يشربه معظمنا” بالماء الميت، وأن هؤلاء الخبراء ينصحون باستخدام الفخار كونها مصنوعة من مادة الفخار التي تعد أقرب المواد الموجودة في الطبيعة إلى الإنسان، ولذلك ينصح بوضع ماء الشرب أو الطهي داخلها كي يستفيد جسم الإنسان منه، كما أنه يمكن إستخدام الماء الموضوع بالفخار لعلاج بعض أمراض الكلى والحصوات بسبب صفائه من الشوائب، مما يسمح بتنظيف الجسم من السموم وتطهير المجاري البولية، كما يساعد في علاج مرضى الربو وحساسية الجهاز التنفسي، وأن ماء الفخار يساعد في تخفيض نسبة السكر في الدم علاوة على أنه يوفر الأوكسجين الضروري لطاقة الجسم وصحة الدماغ بسبب احتفاظه بالشكل الطبيعي للماء الموجود في الطبيعة، وأنه تم إجراء فحص بحثي على الماء في الأواني البلاستيكية والنحاسية والزجاجية إلى جانب الفخار، فظهر أن الفخار هو الوحيد الذي استطاع إعادة العناصر الحيوية للماء ومقاومة البكتيريا الضارة في الماء ما يؤهله لأن يكون وعاء حفظ مثالي للماء الصالح للشرب والطهي.
ولأننا لم نعتد أن نمرر أي معلومة من آذاننا دون التوثق منها، فقد بحثنا مطولاً في صحة هذا الأمر حتى جاءت الصدفة قبل أيام عندما تم إستضافة أحد الأخصائيين في هذا الموضوع في أحد البرامج والذي أكد أنه لم يثبت أي شئ من هذه المعلومات علمياً وأن كل ماذكر ليس له أي أساس من الصحة !
ولعل كل هذا يؤكد لنا خطورة ما نواجهه هذه الأيام من سهولة إنتشار أي معلومة بين الناس بواسطة الوسائل التقنية المتقدمة وتصديق الكثيرين لها بدون أي توثق أو تأكد منها، ما يمكن أن يترتب عليه مشاكل كثيرة في كثير من الأحيان، ولعل من آخرها ما نشره أحدهم في مقطع مصور ذكر به وجود كاميرات تصوير مخفية في غرف الفنادق في العاصمة السعودية الرياض، ولك أن تتخيل كيف يمكن أن يضرب مثل هذا المقطع السياحة في بلد بأكمله، ليتضح عند التوثق من الأمر عدم صحة ما جاء في المقطع ويخرج الشخص ليعتذر عن كل ماذكره ويؤكد عدم صحته، وهو الأمر الذي خرجت الجهات المسؤولة لتأكيده رسمياً وطلبت التوثق قبل نشر أي معلومة كيفما اتفق، ولعلنا بعد كل ذلك وقبل أن يأتي أحدهم ليقول لنا بأن الهواء الذي نتنفس منه هو هواء ميت أيضاً نتذكر قول حبيبنا وقدوتنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم: (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع).