صراحة نيوز- بقلم عبد الكريـم فضلـو عقـاب العـزام
فـي هـذه الأيّــام المباركــة، التي يجتمِــعُ فيهــا الأهــلُ والأحبَـة في بيــتٍ واحِــدٍ، وفي مكــانٍ واحِــدٍ بعد أن توافَــدوا مِـن كُـلِّ أرجــاءِ الوطَــن و مِـن خارِجِــه.
في هـذه الأيّـام نَرى النَّـاس تغُـصُّ بهِـم الأسـواق يقتـادون أبناءَهُـم، يبيعُــون و يشتَــرون، تحضيــراً للعيــد.
في هـذه الأيَّـام ونحـن نَـرى الأمّهـات يختـرن و يشتـريـن أجمَـل الثِّيــاب لأبنائِهِــنَّ الصِّغـار، و نَـرى الأمَّهـات والآبـاء ينتظِـرون أبناءَهُـم العائِــدون في إجــازة العيــد من وظائفهِـــم.
في هذه الأيام التي نرى فيها الأطفال يقفُــون على أبواب دورهم ينتظرون السيَّارة أو الباص الذي اعتادوا أن يروا آبآءهم ينزلون منه.
في هذه الأيام المباركة التي خُصِّصت للزينـة و الفـرح، نَـرى المُجرميــن المارِقيــن يقلِبُـونهــا أيَّـامـاً للحُــزن و البُكـــاء.
في هذه الأيَّـام تتَّضِـحُ صــورة المُجرميــن الذيـن يدّعُــون الإســلام، ولا يعرفُــون من الإسلام إلَّا اسمـه، نـرى ذلـك عندما نجدهُـم بلا قلـوب ولا مشاعِــر تحــس بإحسـاس الآبـاء والأمَّهــات، بلا قلــوب تتصَــوّركيـف تكُـون أحاسيـس الأطفـال في العيــد و هُـم يتامـى بـدون آبــاء، ولا يحسُّـون بأحاسيـس الزّوجـات اللواتـي تُركـنَ مع أبنائِهِــنّ يُكابِــدن مشــاقّ الحيــاة معقــودات الألسنـة عندمــا يسألُهُــنَّ أبناؤهُــنّ أيــن أبي يا أمّـــاه؟
ماذا تقـــول؟ وبمــاذا تُجيـــب؟
تـــرُدُّ الأمُّ على ابنهــا بالدُّمــوع الصَّامتــة التي تنهمِـــر على وجنتيهــا و تنعقِـــدُ على نهايـةِ لحيتهــا لتـروي الأرض، وهي تدعُـو بقلبهـا قاتَلَهُـــم الله من قتلـــوا زوجـــي، يتَّــم اللهُ أبناءَهُـــم و أبنــاءَ كُــلِّ مَـن يسيـــرُ في هــذا الطريــق الظَّلامــي الــذي يقُـــود إلى جهنَّـــم.
ألا يعــرف هـؤلاء القتلــة أنّ دمَ المُسلــم و مالـه و عرضـه حرامٌ بيـن المُسلميـن كما قال عليه الصلاة والسلام “إنّ دماءكُـم و أموالكـم و أعراضكـم حرامٌ عليكم كحُرمـةِ يومكـم هذا في شهركـم هـذا في بلدكُـم هذا، ألا هل بلّغـت، اللّهـمَّ فاشهَــد”.
إنّ الحديـث في كُـفـرِهِـم وبُعدهِـم عن الديـن أكبــرُ مِـن أن يُحيـط به مقـالٌ أو حديـثٌ أو حِــوار.
إذا حلّـل هؤلاء دمَ إخوانِهـم ممّـن يُدافعــون عن الأرض والعـرض والدِّيـن، فإنّ الوطــن كُــل الوطــن اليــوم يقــفُ في مواجهتهــم، ليعــرف هؤلاء أنَّنــا جميعــاً نُحاربهــم في كُــلّ جبــلٍ وسهــلٍ وواد، وأنَّنــا جميعــاً حتّــى أهلوهـــم، آباؤهــــم وأمّهاتهــم وإخوانهـــم يُحاربونهـــم، لأنّهم يُريـدون أن يصنعُـــوا دينـاً خاصّــاً بهِــم، ولأنّهُــم يقتلُــون و يرتكبــون كُـــلّ الموبقــات دون رادعٍ أو ضميــر.
يــا أمّنـــا يــا أُمّ الشهيــــــد:
نحـن معـك في حُزنِـك و حُــزنِ والِـــد الشَّهيـــد، مع زوجـة الشهيــد وأبنائِـــه، في هــذا المُصـــاب الجَّلـل الـذي أوقعـه هؤلاء المارِقُـــون.
نحـنُ معـك نبكـي كما تبكيـن في هـذا اليـوم ( يــوم العيـــد الحزيـــن )، ولكنّنـا كُلّنــا فخـــر بـك يا ابنــة الخنســاء، لأنَّــك تُضحّيــن في سبيــل الديــن أوَّلاً أمــام مَـن يُريــدون هدمــه بفكرهم الظًّلامي، وتُضحِّيــن في سبيــل المجتمـع الآمِــن الـذي خَلَقَـــهُ الله ليعيـــش لا ليُقتَـــل دون سبـــب.
نحــنُ كُلّنــا أبنـــاء أمهـات وآبــاء الشُّهــداء، وكُلنـــا إخـــوان أبنـــاءِ وبنـــاتِ الشُّهـــداء بِكُــلِّ ما نملِــك و ما نستطيـع، و سنظــلّ نحــن وأبناؤنــا مشاريـعَ شهــادةٍ حتّى يُحفــظ الوطــن و تعلُـــو رايــة الدِّيـــن التــي حملهــا آلُ هاشِــم الأخيــار، وحتى تُصــان كرامــةُ الإنســان.