صراحة نيوز – بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
القيادة فنّ ، القيادة قدرات ، القيادة ريادة ، القيادة صبّر وتحمّل ، القيادة قدرة متميزة في التصرف في المواقف الكبيرة ، المحرجة ، الناقدة ، حتى الفاقدة للمصداقية ، والصدق ، والشفافية ، التي ندّعيها باحتراف ، وميزاننا فيها شديد الانحراف .
إنفعال رئيس الوزراء الأخير ، عندما سألته المذيعة هبة ابو طه من قناة الاْردن اليوم ، لم يخدم نفسه فيه ، لا بل أضر به ، أيما ضرر ، لان الموضوع بسيط جداً ، وسؤال عابر جداً ، خاصة اذا كان رئيس الوزراء واثقاً من صحة قرارته عندما كان مديراً عاماً للمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ، يفترض ان يكون حديثه ، حديث الواثق من نفسه ومن صحة إجراءاته ، ومن بساطة السؤال ، مقارنة بمركزه ، حيث يعتبر الرجل الاول للسلطة التنفيذية برمتها ، والرجل الثاني في الدولة الاردنية .
رئيس الوزراء ، أدان نفسه ، وحجّم قدراته الذاتية ، لانه بدى منفعلاً ، غاضباً ، ساخطاً ، وربما مُنتقماً في الخفاء ، كعادة انظمتنا المهزوزة ، محترفة الانتقام خاصة من البسطاء ، كما عبر إرتجاف شفتيه ، وإهتزازه ، ومغادرته المكان بصلافة ، وجلافة ، وإمتهان للآخر ، وإحتقار لدور الإعلام ، شكك المتابعين ، بانه شعر بانه انكشف ، وان أمراً خطيراً وغير قانوني لا بل وربما انه شارك في فساد صفقة أرض الطنيب ، هذا ما اوحت به ردة فعله غير الموفقة ، مع أنني على الصعيد الشخصي ، كما غالبية الاردنيين ننزهه عن المشاركة الجلية ، البينة ، الواضحة في فساد كبير ، واعتقد شخصياً ، كما يعتقد جُل الاردنيين ، ان أقصى تجاوز له ، ربما لا يتعدى تعيين أشخاص في مواقع لا يستحقونها ، لإضطراره لعمل ذلك ، رغم تأنيب ضميره الحساس الذي سيدوم . كما نعلم ان الفساد في الاْردن تمأسس ، والفاسدون ليسوا بحاجة لمساندته ، خاصة وأنهم يعرفون عدم تجاوبه لو طُلب منه ذلك ، لان لديه رادع ذاتي .
يجب على الشخص القيادي ، او القائد ، او المسؤول الكبير ، او حتى الرؤساء ، والزعماء ، ان يكونوا مهيئين ، ومستعدين ، للتصرف ، او الرد الذكي ، بما يتناسب مع حجم الحدث ، دون ان يبدو عليهم الضعف او الارتباك او الانفعال .وهذا الموقف ذكرني بجلالة الملك الراحل الحسين ، عندما سأله أحد المذيعين البريطانيين المتصهينين ، حيث وضع المذيع خارطة الشرق الأوسط على الجدار ، وسأل الحسين : ارجو ان تحدد لي حدود اسرائيل على هذه الخارطة ؟؟ صمت الحسين لثوانٍ وقال : حتى اسرائيل لا تعرف حدودها . عندهاصمت المذيع ، صمت المهزوم . والحسين في كامل هدؤه ، والابتسامة لم تفارق محياه . تصرف الحسين واجاب ، وأفحم ، رغم خطورة السؤال ، لانه يتعلق بتمدد كيان مغتصِب .
أما ما حصل مع رئيس الوزراء ، فلا داعي له ، حتى تبريره بان المؤتمر يتعلق بالاستثمار ، وان هكذا سؤال ينفر المستثمرين المحتملين ، وهذه حُجة واهية وضعيفة ، لماذا ؟ لان المجتمعين من المغتربين الاردنيين ويعرفون عن الاْردن اكثر من الرئيس ، ثم انه اذا لم ينجح في المحافظة على المستثمرين الاردنيين ، لا بل ان إجراءاته غير الحصيفة أدت الى هجرة المستثمرين الاردنيين الذي كانت نشاطاتهم التجارية وأعمالهم في بلدهم الاْردن .
ندعو ، ونتوسل من رب العباد ، ان لا يتعرض رئيس وزرائنا الى سؤال أصعب وأخطر وأهم ، حتى من صحفيين اردنيين ، فكيف لو تعرض لسؤال من أحد الصحفيين الأجانب الجهابذة ، لطال الخطر الاْردن كوجود ، ربما ، أقول ربما .
السؤال : هل من لا يجيد الإجابة عن سؤال بسيط ، واضح ، يمكن ان يُفلح في قيادة دولة !؟