صراحة نيوز – بقلم د . صبري الربيحات
الآباء والأمهات يمضون جل أوقاتهم في رعاية الأبناء وتحسين فرص النجاح لكل منهم. بعض الآباء والأمهات لا يتوقفون عند دعم خيارات أبنائهم بل يتدخلون وبشكل سافر في الخيارات التعليمية والمهنية والزواجية لهم . في كل مرة يتدخل الأهل والأقارب في حياة الشباب يجري تجاهل الفرق في التجربة والمزاج والذوق والاستعداد للأشخاص المعنيين .
من بين كل القرارات المصيرية يعتبر اختيار الشريك الأخطر والاكثر تأثيرا على حياة الفرد وسعادته ونجاحه المستقبلي. في الحالات التي يفشل فيها الزواج يلقي الأطراف مسؤولية الفشل على من تدخلوا في إبرام العلاقة ويعتبر البعض زواجهم قرارا متعجلا أسهم في صناعته الأهل والأصدقاء وتركوا الشخص يواجه مصيرا لم يسهم في التفكير فيه ولا معرفة كيفية مواجهته.
في بلادنا لا يوجد الكثير من الخدمات المهنية التي تساعد الفرد على حل المشكلات وتجاوز الظروف التي قد تؤدي إلى الانفصال والطلاق مخلفة آثارا وندبات يصعب تجاوز آثارها.
منذ عقود دخل إلى ساحة العلاقات الاسرية العديد من المهتمين في ميدان الارشاد الزواجي والعلاقات الأسرية . بعض هؤلاء الأشخاص استمتعوا بالاهتمام الإعلامي واستغلوا عطش السوق إلى الخدمات الارشادية فقدموا نماذج لا تشبه الناس ولا تفيد المأزومين في حل مشكلاتهم المستعصية.
في هذا الجزء من العالم ما تزال مناسبات الولادة والموت والزواج والطلاق في عهدة رجال الدين باعتبارها أحوالا شخصية. دخول الاعلاميين ورجال الدين وطلبة علم النفس على ميدان الارشاد واصلاح العلاقات لم يغير كثيرا في اعداد ونسب الطلاق التي وصلت لأرقام قياسية . اليوم تشير البيانات إلى تسجيل ما يقارب الـ 25 ألف حالة طلاق سنوي غالبيتها بين شباب وشابات أساؤوا الاختيار. في الكثير من البيوت الأردنية يوجد أزواج متخاصمون منذ سنوات يعيشون حالة الطلاق النفسي بكل ما يحمل من آثار وانعكاسات على الاطفال وعلاقاتهم بالرفاق والمجتمع.
الكثير مما يقوله الخبراء عن ديمقراطية العلاقة الاسرية والحوار بين الأزواج ومواصفات الشريك المثالي لا سند له في سلوك المرشدين ولا في نوعية الحياة التي يقودونها. أعرف أحد الأشخاص ممن يظهرون في كل مناسبة للحديث عن السعادة الزوجية والتواصل المثالي مع الشريك يضرب أطفاله بحجة التأديب ويخاصم زوجته لأشهر ولا يمارس ايا من مواعظه في البيت ولا مع زملاء العمل.
لضمان نجاح الزواج ودفع الحسد ولكي ينعم الأزواج بالخصوبة وتنجب الأسرة أطفالا اصحاء ويبقى العروسان اوفياء لبعضهم يعيشون حياة مزدهرة أنتجت الثقافة الانجليزية حكمة شعبية توصي العروس بأن ترتدي يوم زفافها لباسا يشتمل على قطعة جديدة واخرى قديمة” something old , something new.” وأن ترتدي شيئا مستعارا ولونا ازرق”something borrowed ، something blue” ولا تنسى أن تضع في حذائها 6 بنسات”قروش”. هذه التعويذة الانجليزية تلخص الصورة التي تتمناها العروس واحتياطاتها للتهديدات التي يمكن ان تحد من ديمومة فرحها . شعوب اوروبا والولايات المتحدة حملوا الزواج احلامهم في الاستقرار والازدهار والصحة والبنين.
تحت وطأة الأزمة الاقتصادية ومع تنامي معدلات الطلاق وإصرار البعض على المزاوجة بين الطقوس التقليدية والمعاصرة للاحتفالات يرى الكثير من الشباب في الزواج مغامرة غير مضمونة النجاح فيؤجلون التفكير في الزواج ويجابهون الضغوط والمقترحات التي تأتي بها الامهات والخاطبات.
إرضاء لرغبات الاهالي يقبل بعض الشباب والشابات على إتمام مراسيم الخطوبة التي سرعان ما تتحول إلى طقس للتعبير عن احترام رغباتهم ومحاولة لوقف سيل اقتراحاتهم. في التقديرات التي تقدمها المحاكم الشرعية اشارات واضحة إلى ارتفاع نسب الطلاق قبل الدخول بدرجة تفوق المعدلات المسجلة في عقود سابقة.
ما لم تتوافر الظروف الاقتصادية المناسبة والخدمات الارشادية المستندة إلى العلم والمعرفة وما لم تتوقف تدخلات الاهالي في دفع الابناء لاتخاذ قرارات لا تناسبهم فإن معدلات الطلاق والفشل في الزواج مرشحة لمزيد من الارتفاع.