هَجْرُ الأقصى .. المَوقِفُ الأقْسَى

15 أبريل 2019
هَجْرُ الأقصى .. المَوقِفُ الأقْسَى

صراحة نيوز — بقلم عوض ضيف الله الملاحمه

 
من طبائع العرب ، تَحَجُّرْ مواقفهم ، وعدم مرونتهم في التعامل مع الأشياء ، وعدم قدرتهم على التعامل مع المتغيرات ، وتغيير المواقف حسب تغير الظروف والمعطيات ، والمؤلم والمؤسف أنهم يعتبرون هذا التحجر وعدم المرونة ” ثباتٌ ” على المواقف ، دون ان يلتفتوا الى ضرورة مراجعة المواقف بين الحين والآخر ، لإعادة التقييم ، فإما أن يستمر الموقف على ما هو عليه دون تغيير ، أو أن الامر يتطلب تغييراً ولو جزئياً ، وربما كلياً . ولا بد من التنبه الى أن الثبات بمعنى التشبث بالمواقف عن جهل أو عدم مرونة ، يُعتبر ضاراً ، عندما يتطلب الأمر المرونة والإستجابة للتغيير ، الذي يكون نافعاً .
ما دفعني لهذه المقدمة هو إصرار العرب ، كل العرب ، والمسلمين ، كل مسلمي العالم ، والمسيحيين ، كل مسيحيي العالم ، على هجر القدس ، وخاصة المقدسات الإسلامية والمسيحية ، بحجة عدم زيارتها وهي تحت الإحتلال . وها هو الإحتلال جاثم على صدر القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية ، وما يلوح في الأفق من مخططات ، لا تنبيء عن خير ، بل فيها كل الشر .
أقول لكل المسلمين والمسيحيين أنكم بهجركم للقدس والمقدسات ، قد خدمتم الإحتلال من حيث لا تدرون ، تصوروا معي لو أن القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية تعج بالزوار في كل الأوقات ، وتمتلىء شوارع القدس ومقدساتها بالعابدين ، للتعبد ، والصلاة ، والزيارة ، والسياحة ، والتواجد في كل حارات وشوارع القدس ، فان القدس ستحيا ، وستزول الكآبة والعزلة عنها وسيستأنس أهلها بوجودكم ، وسيزول الشحوب عن وجوههم ، كما أن التواجد يُحرك السوق التجاري ، فينتعش وضع المقدسيين الإقتصادي ، فيتحسن حالهم ، ويكونوا قادرين على الثبات فيها ، كما أنهم سيتمكنون من دفع الضرائب والغرامات الباهظة التي يفرضها الإحتلال ، التي يهدف منها التضييق عليهم في معيشتهم واجبارهم على مغادرة القدس ، ما أحزنني ودفعني لطرح هذا الموضوع خبر نُشر اليوم تحت عنوان ” لماذا يهدم المقدسيون منازلهم بايديهم ” ، جاء في التفاصيل أن (١٦) عائلة مقدسية هدمت منازلها في عام ٢٠١٩ ، وان (٢٢،٠٠٠) منزل مقدسي تم إنذارهم بالهدم ، وأن السبب هو عدم قدرتهم على دفع المخالفات والضرائب التي تصل الى (٧،٠٠٠) دولار ، ويهدمون منازلهم بايديهم لان كلفة الهدم اذا قام بها الاحتلال تصل الى ( ٧١،٠٠٠ ) دولار للمنزل الواحد .
وعليه فان تحسن وضع المقدسيين المادي سيثبتهم في القدس ، ولن يلجأوا للهجرة ، بسبب تردي أوضاعهم الاقتصاديه ، وهجرهم لبيوتهم ، بسبب عدم قدرتهم على صيانتها ودفع الضرائب العالية المفروضة عليهم .
المشكلة أننا نعتبر المرونة ، ميوعة في المواقف ، ونفهم التصلب والتشدد ، ثباتاً ، دون الالتفات الى المتغيرات ، والحاجة للتغيير ، والقدس هي الخاسرة . كما أن التواجد سَيحد من إختراقات اليهود المتشددين بدخول الأماكن المقدسة والسيطرة على شوارع المدينة .
زوروها ولا تهجروها فزيارتكم تُؤنسها وتُحييها ، وهَجركم يُتعسها ، ويُميتها .
الاخبار العاجلة