صراحة نيوز – بقلم الدكتور حسن البراري
لم يكن الخلاف بين النائب أسامة العجارمة وصاحب المصنع خلافًا عاديًا، بل تمثل على صورة تحدّ فوق رقعة شطرنج ممزوجة بالأسود والأبيض، وهو تحدّ بين عقلين مختلفين يمثلان منطقين مختلفتين، تحدّ بين جشع المستثمر الذي يغفل عن واجباته في تنمية المجتمع المحلي وبين القابضين على الوطن، الذي وإن جار عليهم البعض، إلا انهم ما زالوا مرتبطين به بخيط عنكبوتي ما زال أشد غموضا من أن يفهمه جمهور واسع من زبائن المستثمرين أو من الذين وجدوا بالواقعية السياسية أو البراغماتية ذريعة لتبرير العجز وعدم الفعل.
تريثت في الكتابة عن قصة نائب لواء ناعور أسامة العجارمة مع أحد المصانع في ناعور، ذلك أنني لم ارغب في البداية أن أنظر إلى القصة برمتها إلا في سياق نائب يطالب بخدمات للذين أوصلوه، وهذا ديدن العمل النيابي في الأردن، بمعنى أن أسامة العجارمة لم يأت بجديد ولم يخرج علينا ببدعة نيابية جديدة. وكان يمكن أن تبقى المسألة بعيدة عن الأضواء. غير ان حملة التشويه والشيطنة التي طالت صاحبنا، وقيام صاحب المصنع بتوظيف علاقاته للنيل من نائب وصل إلى البرلمان بأصوات الشباب هو ما دفعني للتعبير عن رأيي في الموضوع.
كنت أتابع لأسمع رواية أسامة العجارمة التي غابت عن الاعلام، وبدلا من ذلك، قرأت انتقادات على نطاق واسع تتهمه بتجييش القبيلة خلفه، في حين أن الذي جيّش الكثير من الأردنيين وخلق قبيلة افتراضية قائمة على علاقة زبائنية رخيصة هو السختيان نفسه. هذا الأخير لا أعرفه على المستوى الشخصي، لكن ما خرج عنه يكشف عن جانب في شخصيته يجعلني أشك في كل كلمة يقولها. فلا يعقل أن تكون ردة فعله بهذا التشنج، إلا إذا كان بالفعل لا يفهم معاناة الناس، وهي بالمناسبة معاناة مشحونة بالتحدي والإصرار والاستعداد للتضحية ومواجهة الأقدار ومقارعة الآخر، الذي يمنع عنه كل شيء، ويصور مطالبه المشروعة وكأنه “إرهابا” يوجب غضب الجميع، وينذر بهطول وابل من الادانات. والحق، لو أن هناك منظمات حقوقية دولية تأتي لزيارة الكثير من المصانع لسمعنا عن عجب العجاب، وفي السابق سمعت قصصا عن المصانع في اللواء وكيف تتعامل مع العاملين بها، وتستغل احتياجاتهم بشكل لا ينم عن الإنسانية بشيء، وكأننا نعيش في القرون الوسطى.
وحتى أكون صادقا مع نفسي ومع الآخرين، فأنا لا أعرف أسامة العجارمة شخصيا، ولم يسبق لي أن التقيت به، لكني أعرف الكثير عنه، وأعرف أن منسوب الوطنية عنده أكبر من أن يدفعه إلى الابتزاز، كما أراد المستثمر أن يوهمنا. فلا أسامة ولا أبناء قبيلته جبناء ليمارسوا الابتزاز، ففيهم من الرجولة والمروءة ما يكتب عنها الأشعار، لكن الذي يمارس الاستقواء هو ذاك المستثمر الذي ربما ما كان له أن يستمر بعمله بهذا الشكل دون علاقات زبائنية مع تحالف الفساد والاستبداد في الدولة. فمطالبة نائب لزيارة مصنع ليست ابتزازا، في حين أن ردة الفعل المتشنجة والاستغاثة بمراكز القوى كشفت عن الاعيب صاحب المصنع.
وبعيدا عن قصة السختيان، فهو لا يستحق مني أن اكتب حرفا واحدا لولا أن الأمر متعلق بتغييب رواية أسامة العجارمة مقابل هيمنة اسطورة نسجها السختيان وأدواته الإعلامية. الحكومات، وكما قلت ذات مرة، مختطفة من قبل طبقة البزنس التي تمارس الفساد، ولها من الأدوات ما توجه فيها الحكومة كما تشاء. مشكلة هذه الطبقة عندما تصطدم مع أحرار الأردن، عندها تتداعى وتستنجد، وهي طبقة هشة وغير وطنية،،،،، وللقصة بقية.
نقلا عن صفحة
المكتب الإعلامي للنائب أسامة نايف العجارمة