صراحة نيوز – بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران
ملايين الفلسطينيين بالأمس قاموا باحياء ذكرى يوم الأرض حول العالم، ذكرى 30 آذار/مارس 1976م عندما صادرت سلطات الاحتلال آلالاف الدونمات من الأراضي التابعة لمناطق ذات أغلبية فلسطينية في الأرض المحتلة العام 1948م، مادفع أصحابها للدخول في إضراب عام ومسيرات غضب شملت كل المناطق من الجليل شمال فلسطين وحتى صحراء النقب أقصى جنوبها، وأسفرت عن إستشهاد 6 فلسطينيين وإعتقال المئات منهم والتنكيل بهم، وهو الحدث الذي أصبح ذكرى سنوية يحييها الشعب الفلسطيني للتأكيد على إلتصاقه بأرضه رغم كل الظلم والجبروت والمؤامرات.
لكن جيش الاحتلال الذي لا يقهر والذي خرج بعتاده يوم أمس لمواجهة مسيرة العودة الكبرى “السلمية” في غزة قد أرعبه ذلك الشاب الفلسطيني “محمد أبو عمرو” حين نقش عبارة “أنا راجع” إلى جانب علمين لفلسطين على رمال البحر المتوسط في شاطئ غزة، فعاجله بالرصاص الحي ربما خوفاً من تحقيق عبارته بأن يرجع لأرضه !
غزة التي تزيدنا كل يوم خجلاً من أنفسنا أكثر من الذي قبله ونحن نرى صمود أهلها الأسطوري برغم كل الحصار والتجويع والتدمير، خاصة عندما نتذكر أن مساحتها التي لا تزيد عن 360 كم مربع لا تشكل سوى 1.3% من مساحة أرض فلسطين المحتلة فقط !
وتأتي ذكرى “يوم الأرض” هذا العام وسط غصة مضاعفة لأبناء الشعب الفلسطيني بل ولكل عربي مسلم أو مسيحي أو حتى يهودي يكره الظلم والتجبر ويتنفس الحرية، بعد إعلان القوة العسكرية العظمى في العالم والتي كانت لسنوات ماضية تؤكد حرصها على الوصول لاتفاق سلام بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال نقل سفارتها للقدس المحتلة حتى قبل التوافق على وضعها في المفاوضات، بل والتأكيد على أنها عاصمة لدولة الاحتلال وكأنها تضع حجر نهاية للمفاوضات المتعثرة أصلاً بدلاً من السعي لحل عادل للقضية كما كانت تدعي دائماً.
تمر الذكرى والعالم ينظر للولايات المتحدة الأمريكية وهي تعلن ذلك وكأنها تقول أن الكيان الصهيوني أو ما يسمى دولة إسرائيل أصبح أمراً واقعاً ستعترفون به رغم أنوفكم جميعاً ولا مجال لتأخير الأمر أكثر من ذلك بعد اليوم !
لتأتي مسيرة العودة التي خرجت من شوارع أبطال غزة بأكثر من 17 الف فلسطيني ولحق منها ركب شهداء جديد فاق 15 شهيداً وأكثر من 1500 جريح بمواكب شهداء أرضنا المحتلة كدليل جديد على أن إرادة هذا الشعب لا تموت ولا تقهر باذن الله وهو الذي إختلط دمه بدم شهدائه وبعناوين الحرية والارادة والصمود.
ولا نخفيكم بأننا كنا نفكر في تأجيل نشر سطورنا هذه لما بعد الأول من نيسان/أبريل حتى لا يعتقد البعض أن لها علاقة بكذبة نيسان، لكننا حسمنا أمرنا في النهاية بنشرها في ذلك اليوم لنقول أن هناك حقائق أكبر بكثير من أي كذبة يريدون لنا أن نصدقها، كتلك التي تقول أن “القدس عاصمة لاسرائيل” !
أمعنوا في الظلم ما شئتم وأنصروا الظلم كما تحبون وغيروا أماكن سفاراتكم كما تحلمون وغيروا الحقائق فوق الأرض وأرقصوا فوق جثث الشهداء حتى الوصول إلى الثمالة، فمن قبلكم مر كل المحتلين بأرض فلسطين ولم يأخذوا معهم إلا الخزي والعار عندما رحلوا عنها من ذلك البحر الذي جاؤوها منه، وعاد الحق لأصحابه برغم كل السنين وطول المعانة وعرضها، ولكم في الخنازير عبرة، تلك التي حول بها من إحتل القدس من العام 1099-1187م المسجد الأقصى حظيرة لهم أكثر من 80 عاماً وأمعنوا في القتل والتنكيل ومنع الصلاة فيه، لكن كل ذلك لم يمنع إرادة الله بأن سخر للقدس من جاءها فاتحاً كاسراً لشوكة كل الظلم والظالمين، وهو الحق الذي نراه قريباً ماثلاً أمام أعيننا وترونه وستبقون ترونه بعيداً، فمهما حاولتم لن تنجحوا في قتل الحرية في قلوب وعقول الأحرار في فلسطين والعالم العربي والاسلامي باذن الله.
لن تموت الحرية في قلوب الأحرار باذن الله مهما طال الزمان، وستلفظكم كل قطرة دم طاهرة إرتوت بها أرض فلسطين عاجلاً أو آجلاً، ستبقى لنا أرض فلسطين وستبقى معها القدس عاصمة لفلسطين مهما عملتم على طمس الحقائق أو تغيير التاريخ.