صالون السبت الثقافي يناقش المعاني الجامعة لقيمة ومفهوم الحب في كتاب الأمير غازي بن محمد
13 أغسطس 2022
صراحة نيوز – ناقش “صالون السبت الثقافي”، الذي أطلقته أمانة عمان الكبرى مساء اليوم السبت في جاليري رأس العين في أولى أمسياته كتاب “الحب في القرآن الكريم” لكاتبه الباحث سمو الأمير غازي بن محمد، والمعاني الجامعة لقيمة ومفهوم الحب التي تناولها الكتاب. واستعرض متحدثون خلال الأمسية ما تركه الكتاب القيم والمحكم وحصل بموجبه سموه على رسالة الدكتوراه من جامعة الأزهر الشريف للعام 2010، من آثار وفضائل في التعريف بالإسلام والقرآن الكريم، وما تضمنه من نصوص وقيم راقية عن عاطفة الحب بكل أشكاله، وتصديه لتحريف المحرفين والمتطرفين والجهلة لقيم الإسلام باعتباره دين رحمة وحث على الحب ونبذ الكراهية والتعايش بين بني البشر. وقال وزير الأوقاف الأسبق الدكتور وائل عربيات، إن الكتاب القيم والسفر المكنون، يعكس الشخصية المرهفة والمملوءة بالإحساس للكاتب، مبينا أن سموه ينظر من خلال الكتاب إلى ما عليه الكثير من البشرية من الكره والعدوانية، وفي المقابل فإنه يعود إلى أصل الخلق والإنسانية الربانية التي أضفى عليها ثوب الرحمة؛ ما انعكس على الفطرة السوية التي تقود البشر إلى الحب باعتباره أصل الخلق، فلولا أن الله أحب الخلق لما خلقهم. ورأى عربيات أن الأمير غازي بن محمد “يسترسل في تعريف الحب تعريفا دقيقا وكريما، ويذكر بأنّ هذا الشيء، وهو الحب، مرتبطٌ بالشعور والإحساس، فهو شيئٌ لا يمكن إحاطته بتعريف مبتسر، ولكن الحب شيء حقيقي لأن الله عز وجلَّ قد ذكره في كتابه العزيز”. وقال إن سموه “ألف كتابه القيم في زمنٍ ضربت فيه الكراهية وخطابها، وبعض أهل زماننا بالكره منشغلون وبنشر البغض سائرون وعن الحب وأهله منصرفون، حتى غدت لفظة الحب للسخرية غرضاً ويُغضُّ الطرف عنها عند أصحاب خطاب الكراهية”. وأضاف أن سموه “ألف الكتاب وأجاد في تأليفه وأفاد في توصيفه، وقد جاء الكتاب متميزاً في وصفه وإحاطته بالموضوع وهو الحب في القرآن الكريم وبأسلوب شيق”. ورأى عربيات أن الكتاب “جاذب سهل ميسر محيط بالآيات البينات ومحملاَ ومحلقاً برسوخ على رصين وتحليل دقيق وإبداعات في استحداث واستنباط لطيف دون ليٍ لأعناق النصوص بل بفتح آفاق للاجتهاد والمبني على قواعده وأصوله”. واكد هذا السفر العظيم أن الحب “هو كل ما في هذا الكون؛ فهو أصل الخلق فأودعه الله في كل شيءٍ وأضفى سبحانه على الخلق جميعا حبه”. مشيرا إلى انه عزل وجل “أودع في فطرتهم وجيناتهم الحب ليتبادل العالم والكون الحب بالحب حتى أنه، أي الحب، سبب في إطالة الأعمار، “فمن أحب أن يبسط له في رزقه وأن ينسأ له في أثره ويبارك له في رزقه فليصل رحمه”. وأوضح عربيات أن “الرحمة هي الحب، والإنسان حينما يولد من رحم أمه يولد معه الحب لأنه خرج من الرحم والرحم من الرحمة وهي الحب”. وقال “فكل من خرج عن أصل الحب إلى غيره كان خارجاً عن الفطرة السويّة وعن سنن الكون فكان معبره إلى الزوال”. ولفت عربيات إلى أن الكتاب “قد عُرض على أهل العلم فانشرحت صدورهم وأبدوا من جميل ولطيف الملحوظات ما زاد في بهجته وجميل رونقه”، وقال “وكان سموه بجميل صبره وكريم تلبثه قد استطاع أن يسدي إلى المكتبة العربية والإسلامية نفيسه هذا لعلَّ كل من اطلّع عليه ونظر فيه مفيدا ومستفيدا أن يجد فيه ما تقرُّ به عينه وتطمئنُّ به نفسه”. ودعا عربيات إلى أن تكون هناك مادة “كمتطلب إجباري” في الجامعات الأردنية تسمى مادة “الحب في القران الكريم”، وكذا في المدارس ومناهج التربية والتعليم “تعزيزا لثقافة المحبة والتسامح”. كذلك حث على “ترجمة الكتاب إلى لغات متعددة لتعلم الإنسانية مدى الحب الذي هو ركن ركين وهو أصل للإنسانية جميعا وليس للمسلمين فحسب، فتضاف إلى رسالة عمان العظيمة ويكون الكتاب معززاً وسنداً لرؤية هذا البلد الهاشمي في تعزيز تواصل الإنسانية نحو التسامح والعيش المشترك وكلمة سواء والمحبة والتآلف الإنساني”. من جانبه، قال أستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين الخزاعي انه “لتذوق روعة الحب، ووضع النقاط فوق الحروف، والعيش في عالم الحب، نستمتع ونقرأ ونبحث في كتاب سمو الأمير غازي بن محمد “الحب في القرآن الكريم”، حروفا وكلمات اشرقت درراً، وجمعت معاني الحب في عبارات وفقرات عاش في تنسيقها وتذوق نتائجها وتحليلها، آيات قرآنية خالدة عاش معها الأمير الهاشمي منذ نعومة إظفاره, رافقته في حله وترحاله, في كل مرحلة من مراحل عمره المديد بإذن الله, كانت له هادياً ونبراسا وطريقا”. وشدد على أهمية كتاب الأمير غازي بن محمد وما اشتغل عليه من بحث، وقال “ولأن العلم والبحث والتحليل والتأليف لا حدود لها في قاموس سموه، منحها جل وقته ومتابعته، ليهدي العالمين العربي والإسلامي هذا الكتاب “. وأضاف الخزاعي أن “القارئ والمدقق والمحلل يجد في كل صفحة من صفحات هذا الكتاب معاني غزيرة، وجهدا كبيرا، وصبرا على البحث العلم، وأمانة وصدقا،وخدمة الحق، والتنزه عن المغريات الخادعة،والبعد عن المآرب والأهواء، والربط بين السور والآيات القرآنية, انتقاء المفردات والكلمات, وتنسيقا ووصولا إلى لب الفكرة والمعنى والمغزى،جهد ملموس تجد فيه نكهة خاصة في تذوق حلاوة وروعة الإيمان وصلة الخالق بالمخلوق, وشد القارئ وجذبه وعشقه للدين ومنطلقاته”. وأوضح الخزاعي أن “السعادة في الدنيا والآخرة بسّطها سموه بروح امتلكتها غزارة المعنى وروعة الإتقان والتقاط الصور والإشارات، وتفاني الجهد، نعم, الديانات السماوية، انزلها الله – تعالى – لسعادة البشر, وهدايتهم إلى الصراط المستقيم, ولغرس المعاني الفاضلة في نفوسهم”. وبين ان الحب في القرآن الكريم “دروس مشرقة بأنوار القرآن الكريم، تأليف مبتكر، الأمة بأشد الحاجة إليه في هذا الزمن، زمن الفرقة والانقسام، والتشتت والضياع،زمن تكاثر المفتين والمتصنعين والمدعين في الاستقامة والفتوى والتدين، زمن الفتاوى الإلكترونية, وتعلق الأجيال في التكنولوجيا, زمن المعلومات الجاهزة, والإرشادات المضللة، والشائعات الهدامة المغرضة الكاذبة ، والفيديوهات المفبركة ، والاستغلال السلبي للتكنولوجيا ، وتلاشي دور الأسرة في التنشئة الاجتماعية”. واعتبر الخزاعي أن سموه أراد لكتابه أن “يكون بمثابة عقد اجتماعي بين أفراد المجتمع, عهد على التماسك والتلاقي والتكاتف, ففي الباب الأول منه يتحدث عن الحب الآلهي، والكون والحب, حب الله جل جلال لرسله وأنبيائه, حب الله للناس, وفي الباب الثاني يستعرض حب الرسول لله, وحب الرسول عليه السلام للمؤمنين. وبين ان الفصل الثالث فيتحدث عن حب الإنسان لله, وحب المؤمن للرسول عليه الصلاة والسلام, واثر حب الله على الإنسان”. كما يتناول الكتاب –حسب الخزاعي- الحب الآلهي، وحب الآخرين, والحب الزوجي والحب الجنسي، الحب والزنا, والحب والنظر، اما الفصل الرابع فيتحدث عن أنواع الحب، مراحل الحب، الوقوع في الحب, نمو الحب، دائرتي الحب، مراتب جمال الحب، طبيعة الحب، الحب والجمال في الجنة،الباب الخامس يبحث في المحبوب, الذوق, الجمال والحسن ومكوناتها, طبيعة الجمال،اللقاء والرضوان, المقصود الحقيقي وراء الحب. ولفت الخزاعي إلى أن الأمير غازي بن محمد ابرز في كتابه “قضية الحب العائلي”, والتي “تقوم على المودة, وان الله جعل حقوق القرابة ودرجاتها مختلفة وبيّن حقوق كل منها . وعن حب الآخرين من غير أولي القربى من الناس من بقية المؤمنين والأصدقاء – يقول الخزاعي- فجعل الله بينهم رابطة الأخوة ليحب بعضهم بعضاً, وأمر الله بالرحمة بأهل الكتاب وعدم الإساءة إليهم, وكذلك الناس كافة; نحسن إليهم ونتعرف ونقسط بهم ولا نعتدي عليهم بالقتل أو بأي نوع من أنواع الإساءة لتعم المحبة في البشرية جمعاء.”وقال إن كتاب “الحب في القرآن الكريم” جهد يستحق الشكر, والاهتمام والقراءة والمتابعة كتاب مليء بالحيوية والرؤى الإيمانية صادرة من قلب مشع بالإيمان محب للإنسانية, وتحتاجه الأمة في العصر الحديث لأنه يهدي إلى كريم التعامل، ومد جسور التواصل بين الشعوب, فهو يمثل إضافة مهمة للفكر الإسلامي في الواقع الحالي, ويساهم في إزالة إشكالية الصدام بين الدين والحب وبين الإيمان وتذوق الجمال”. وكان ميسر الأمسية الزميل ماجد توبة أشار إلى أن فكرة كتاب الأمير غازي بن محمد “انبثقت عن المؤتمر العام الرابع عشر لمؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي الذي عقد على ضفاف البحر الميت عام 2007 تحت عنوان “المحبة في القران الكريم” بمشاركة نحو 200 عالم من 40 دولة إسلامية وعربية”. وأوضح انه “كان مؤتمرا هاما وعميقا، وقد اختير موضوع المحبة في القران – كما قدم له سمو الأمير غازي بن محمد حينها – ردا علي البعض الذين لا يرون في الإسلام وحتى في كتاب الله حبا كافيا، ويظنون ظن السوء أن ألإسلام دين السيف أو العنف”. وقال توبة إن كل الأهداف والمعاني التي تضمنها المؤتمر المذكور “ترجمت بإبداع وبحث عميق وتحليل شفاف وصوفي في رسالة الدكتوراه للأمير غازي التي عنونت وصدرت في الكتاب الذي بين يدينا اليوم “الحب في القران الكريم”. ورأى توبة أن هذا عمل “يجب قراءته ليس فقط من قِبَل المسلمين والمهتمين بالإسلام والقرآن الكريم فحسب بل هو متطلّب لكل من لديه اهتمام بخفايا وأسرار الحب”. يشار إلى أن سمو الأمير غازي بن محمد له حضوره الفاعل في عالم البحث والعلم، وأيضا في تبنيه لقضية مقدسة هي الدفاع عن الإسلام وحقيقته، وتعرية كل ما شابه من مغالطات وتحريفات أحاطها به متطرفون ومنحرفون وجهلاء في الفكر والمعتقد. وقد حصل سموه على درجة البكالوريوس من جامعة برنستون في أمريكا عام 1988 بمرتبة الشرف الأولى. ثم حصل على درجة الدكتوراه من جامعة كمبردج في إنجلترا سنة 1993، ثم حصل على شهادة الدكتوراه الثانية (العالمية) من كلية أصول الدين في جامعة الأزهر الشريف في القاهرة سنة 2010 وكان موضوعها كتاب “الحب في القران الكريم”. ويشغل سمو الأمير غازي بن محمد منصب كبير مستشاري جلالة الملك للشؤون الدينية والثقافية والمبعوث الشخصي لجلالته. وسبق له أن شغل سموه عدة مناصب منها: السكرتير الثقافي لجلالة للملك الحسين طيب الله ثراه؛ وأيضا المستشار لشؤون العشائر لجلالة الملك الحسين. كما أسس الأمير غازي جامعة البلقاء التطبيقية سنة 1996؛ وجامعة العلوم الإسلامية العالمية سنة 2007؛أنشأ سموه مشروع التفسير الكبير، وهو أكبر مشروع لتفسير القرآن الكريم على الإنترنت، عام 2001، والأمير أيضاً رئيس مجلس أمناء مؤسسة آل البيت الملكية للفكر الإسلامي؛ وهو صاحب الرسالة التاريخية “كلمة سواء بيننا وبينكم” في عام 2007؛وهو كاتب قرار “أسبوع الوئام العالمي بين الأديان”الذي تبنته الجمعية العمومية للأمم المتحدة سنة 2010وكان أمين عمان الكبرى الدكتور يوسف الشواربة قد رعى حفل إطلاق مشروع “صالون السبت الثقافي”، الذي تنظمه الأمانة عبر ذراعها الثقافي قطاع التنمية المجتمعية – دائرة المرافق والبرامج الثقافية، وذلك وسط حضور واسع من سياسيين وأكاديميين ومثقفين وصحفيين وطلاب جامعات وغيرهم. وتحدث في حفل الافتتاح كل من مدير دائرة المرافق والبرامج الثقافية الزميل الكاتب عبد الهادي المجالي، ومعد ومنسق المشروع الزميل ماجد توبة، وتحدثا عن أن المشروع، الذي يقام مرة شهريا “يستهدف تشجيع القراءة بين الشباب والطلبة، والإسهام في إعادة إحياء قيمة الكتاب كقيمة ووسيلة ثقافية أساسية بعد انتشار حالة العزوف الواضحة لكل صاحب بصيرة للإقبال على الكتب والمطالعة كمصدر ثري وأساسي للمعرفة والثقافة وتنمية الذات”.