صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
هناك توجه لتحويل الأردن إلى حلبة صراع ، وللأسف اختير ” الصراع الطبقي” عنوانا لها ، حيث تهدف المخططات إلى تفتيت الولاءات وتقسيمها بين ” عاصمة ومحافظات” ، وربط الحراك ومطالبات الاصلاح بالحراكيين الذين يمثلون المحافظات ، والتعمد لاخراجهم من دائرة الولاء والانتماء ، وحصرها بقاطني عمان ، محولين بذلك الأردن إلى ساحة صراع طبقي وهمية.
وظهرت في الأونة الأخيرة ، الكثير من الحراكات في العاصمة الهدف منها إعلان الولاء بإقامة الاحتفالات ، أو من خلال زيارات إلى ممثلين لأهالي عمان ، إلى جانب دعوة عدد من أهالي عمان لتجديد الولاء ، وحصر المحافظات وأبنائها في بوتقة الاتهام غير المعلن رسميا إنما ضمنيا .
المتابع والقارىء للتاريخ الأردني يجد أن اعتماد التفرقه أو استخدام سياسة “الانتداب البريطاني ” القائمة على مبدأ ” فرق تسد ” ما زالت متبعة لدينا ، حيث شهدت الساحة المحلية حالات تفرقة بين مكونات الشعب ، بهدف إشاعة الفوضى في النفوس بطريقة لا يمكن إلا لطرف ثالث أن يضبطها ، مما يشكل مسوغا شرعيا لهذا الطرف الثالث المسيطر .
إن هذه التقسيمات قد تخدم استراتيجات معينة ، إلا أنها بالتأكيد لن تخدم البلد ومصالحه ، والحذر من تقسيم الساحة الأردنية ، لأن أي حالة فلتان ليست بصالح الدولة ، ولا الاطراف المتنازعة ، والخوف الذي يدور في الأذهان يتمثل في حالة انفلات وفوضى يشهدها الشارع الأردني ، والخوف الأكبر من عدم القدرة على السيطرة عليها ، واعادة الامور إلى وضعها الطبيعي الذي يسعى الراسمون للاستراتيجات الى تمزيقه .
المريح في الموضوع أن أطراف المعادلة ، يمتازون برجاحة العقل والوعي الكبير بأن المركب واحد ، وأي خطوة خاطئة ستؤدي إلى غرق المركب بجميع ركابه ، لذا فإن الجميع يحرصون على إبقاء التوازن للقارب .
إن وضع السيناريوهات القائمة على تعزيز الولاءات والانتماءات ، خطيرة جدا ، وأثرها سيكون سيئا على المخططين أولا ، ثم على المُنفَّذ عليهم ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أساليب الحرب النفسية تغيرت في القرن الواحد والعشرين ، إلا أن المخططين الذين يضعون الاستراتيجيات ما زالت افكارهم بالية، وأساليبهم قديمة ، لا تتعدى اجترار الخطط السابقة ، الأمر الذي يشير إلى ضحالة تفكيرهم وضعف قدرتهم على الابتكار والبحث عن جديد ، لضعفهم ومحدودية تفكيرهم الاستراتيجي ، مما يوجب تحفيزهم على انتهاج الأفكار الخلاقة والمبتكرة التي تناسب عقول الشعب الذي تنفذ عليه المخططات ، لأنه ليس من اللائق أن يسبق التلميذ معلمه ، وعلى المعلم أن يلحق بتلاميذه وتفكيرهم ونضوجهم ، بصورة تليق بقدراتهم العقلية وتوجهاتهم الفكرية .
ظهرت هناك بعض الأصوات التي تنادي وتحذر من خطر مقبل سيكون خطره مباشرا على بلدنا ، وعمدت هذه الأصوات الى طرح الحلول لما يستشرف من خطر ، وظهرت جهات موازية تدحض تخوفاتهم ، وتتهم تلك الأصوات بضعف الانتماء ، بل وصلت الأمور إلى اتهامها بالعمالة لأنظمة خارجية ، مما ولد لدى المواطن تساؤلات : ما الخطر الذي يستشعره أصحاب التخوفات حتى يعارضون ؟ وهل يرون أشياء لا نراها نحن ؟ ولماذا تتم محاربة هؤلاء وتقزيمهم دون إبداء البينات لنا ؟ لنتمكن على الأقل من أن نحكم بالعقل على الآراء المتضاربة ، ووجهات النظر المتباينة ، وذلك احتراما لعقولنا!!!