ثقافة نعم سيدي . . ودور المسوّقين . . !

21 مارس 2022
ثقافة نعم سيدي . . ودور المسوّقين . . !

صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان

بمناسبة الإعلان عن قانون الأحزاب الجديد، والذي من أحد شروطه أن لا يقل عدد مؤسسية عن  1000 شخص، فقد انطلق بعض رجال وسيدات الدولة حاملي تخصص القانون، يسوقونه على الشعب من شاشات التلفزة المحلية، مترافقا في الوقت نفسه مع تشكيل أحزاب من خيارات الدولة، بدعوى أنها قادرة على تتشكيل الحكومات البرلمانية لاحقا. 

ويستطيع المشاهد والمستمع، أن يستنتج من لغة الجسد للمسوّقين أنفسهم بأنهم غير مقتنعين بما يتحدثون به ولكنهم يقومون بعمل وظيفي يعود بالنفع عليهم. ومن المعروف أن بناء الأحزاب لا يتم بتجميع شخصيات لا رابط بينهم، فالأحزاب تقوم على القواعد الشعبية، وبما يتفق عليه الجميع من مفاهيم ورؤى سياسية.

ويذكرني هؤلاء الموسوقون لقانون الأحزاب الحكومية ظاهريا، ويختلفون على مضامينها باطنيا، بالقصص التالية :

• الخليفة العباسي المتوكل، رمى عصفورا بسهم فلم يصبه، فقال أحد مرافقيه : أحسنت يا أمير المؤمنين، فنظر إليه المتوكل شزرا غير راض عما تفوه به مرافقه. ولكن الأخير استدرك الموقف وقال على الفور : لقد أحسنت إلى العصفور بأنك منحته حياة جديدة يا مولاي . . !

• وفي العهد الناصري، وقف عبد الناصر خطيبا في مجلس الشعب، أثناء الخلاف الذي نشب بين مصر وسوريا وقال : لقد أمرتُ الأسطول المصري بأن يتحرك إلى هناك. فقاطعه النواب بالتصفيق الحار. ولما انتهى التصفيق قال عبد الناصر: ولكني أمرت الأسطول بالعودة حفاظا على الوحدة العربية، فعاد التصفيق أكثر حرارة مما قبل.

• وفي الحياة العسكرية شهدت نموذجا مماثلا. ففي العقود الثلاثة التي أعقبت منتصف القرن الماضي، كانت كتائب الجيش العربي، تتنافس بين بعضها في إتقان العمليات العسكرية، استعدادا للقتال مع العدو الإسرائيلي، حسب العقيدة العسكرية التي كانت سائدة آنذاك. 

وكان يتم اختار أحد ضابط الصف الكبار برتبة وكيل مثلا، يسمى وكيل قوة الكتيبة، يُميز خلال عمله وتجواله بين أفرد الكتيبة بحمله عصا، مثبت عليها تاج معدني، تكون مهمته الحفاظ على الضبط والربط العسكري في الكتيبة بشكل عام.

وقبل خروج الكتيبة إلى المناورة إلى التدريب السنوي في الصحراء، أراد قائد إحدى الكتائب  أن يحفز جنوده على التدريب وفنون القتال، في كيفية التغلب على العدو المنتظر. جمع وكيل القوة الكتيبة ووقف قائد الكتيبة محاضرا في الكتيبة، ومعطيا إرشاداته وتعليماته لكيفية تنفيذ التدريب بكل جد ونشاط. 

وفي ختام المحاضرة قال قائد الكتيبة :

 أريدكم أن تكونوا تعرضيّين ممتثلين بالآية الكريمة : ” إن لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب “. ولكنه استدرك حديثه قائلا : والله ما أنا متذكّر إن كان هذا الكلام هو أية أو حديث ؟ فرد عليه وكيل القوة مباشرة : نعم سيدي . . هذا الكلام هو آية وردت في القرآن الكريم وفي سورة الذيب بالتحديد. طبعا لم تكن هذه الشهادة صحيحة، ولكنها قصة حقيقية حدثت في ذلك الزمان، وأستغفر الله عما ورد فيها.

هكذا تسوق القرارات المخطوءة بالموافقة العمياء في دول العالم الثالث، من قبل بعض المقربين من أصاحب القرار، بعيدا عن المصارحة الحقيقة والنصح، الذي يخدم مصلحة الوطن والمواطن . . !

الاخبار العاجلة