صراحة نيوز- بقلم د. خالد عطية السعودي
تشير مخرجات التعليم في الأردن، إلى تحول مؤسساته إلى بورصة للألقاب وتوزيع للشهادات في حفلات التخرج..!
ربما أدرك مجلس التعليم العالي حالة الانحدار، فأقدم على إعفاء بعض رؤساء الجامعات في خطوة تبدو “غريبة” اعتبرها بعض المهتمين بهذا الشأن بأنها إيجابية باتجاه تصويب المسار وإعادة البوصلة..!
وأيا كانت ردود الفعل فإن هذا فإن عزلهم بهذه الطريقة الخشنة جدا يبعث على القلق، ويطرح في الوقت نفسه استفهامات ويستوجب توضيحات مهمة وضرورية:
أولا – جاءت هذه القرارات بناء على المعطيات الواردة في تقييم الرؤساء.. والاستفهام المقلق-هنا- هل هذه المطالعات والمرئيات ذات الأبعاد (الكمية/الرقمية) كافية للإبقاء أو الإعفاء على حد سواء..؟! وهل تتمتع أداة التقييم بالعلمية والصدق والثبات..؟! وهل تكفى استبانة إلكترونية لاتخاذ قرار بهذا الحجم من الخطورة…؟! أم أننا ؛ لضمان موضوعية التقييم وشفافيته ونزاهته بحاجة لتطوير مجموعة من الأدوات: كالملاحظة والمقابلات الفردية ومجموعات التركيز مع أصحاب المصلحة (الطلبة وأعضاء الهيئيتين التدريسية والإداريةوالمجتمع المحلي..) إضافة للمسوحات المكتبية وتحليل الوثائق..؟
ثانيا- هل تم بناء معايير التقييم ومحكاته في إطار الوصف الوظيفي والمهام والأدوار والمسؤوليات المناطة برئيس الجامعة والتي من المفروض أن تكون قد وضعت للتعيين ابتداء..؟ أم أن ضعف التقييم يشي بضعف آليات الترشيح والاختيار لا سيما وأن بعضهم لم يكمل نصف دورته الرئاسية المحددة بأربع سنوات؟ وفي هذا السياق هل تضمنت نتائج التقييم مواطن قصور جوهرية وجوانب تقصير أساسية في الأداء، واختلالات عميقة بالواجبات الوظيفية، وهو الأهم والأخطر في شرح مسوغات هكذا قرار؛ حتى ننأى بهذه القرارت عما قد يفسره البعض من الشعبويات أو المغامرات غير المحسوبة..!
ثالثا – هل تشير الممارسات الإدارية إلى وجود فوارق ذات دلالة إحصائية وعملية بين الأساتذة الرؤساء الذين تم إعفاؤهم وبين الذين لم يتم إعفاؤهم..؟! بمعنى هل الذين لم يمضِ عليهم سيف المجلس أحسن حالا من الذين بُترت أرجل كراسيهم من خلاف؟!
رابعا- هل خطوة الإعفاء كافية للاستشفاء والتعافي بعد أن أوجعناهم عزلا وأودوا بالتعليم..؟! أم لا زال الجامعات ومؤسسات التعليم العالي تنتظر من المجلس مزيدا من المتابعة ومراقبة البرامج والخدمات المساندة التي تقدمها وجودة أدائها ومخرجاتها وأوضاعها المالية..؟
خامسا-إذا كانت هذه الخطوة ذات صفة منهجية وفي إطار مهني وأخلاقي.. ولا ترتبط بالثالوث الخطير للقرارات: (التنفعيات والضغوطات وسوء الاختيار) فهل سنشهد وجبة أخرى من الإعفاءات؟! لا سيما في ظل وجود معطيات صادمة أنتجت هذا الواقع المزري، وهذا العقم المعرفي الذي تعيشه الجامعات بفعل بعض الذين أوصلتهم الأوراق والشهادات إلى مناصبهم، في حين غابت الكفاءات والجدارات كمعيار وإن تغنى بها المتغنون كشعار..؟! هل سنشهد مثل ذلك أم أن الديك باض مرة واحدة بيضتين؟!