أيها الغافي في الكمالية …اسمح لي أن أعاتبك , فقد أتعبتنا كثيرا وكثيرا جدا ماهو سرك ؟…من أنت ..من اي طين جبلت عظامك ؟ …كيف أصبحت عشق البنات ولهفة الشباب وهتاف المدرجات ..وغضب الشيب والامهات ؟..
كان بإمكانك أن لا تسافر للقاهرة في العام (1971) ..كان بإمكانك أن تخاف على شبابك مثلما يخاف كبار المسؤولين لدينا على منسوب الكوليسترول ويذهبون إلى لندن لإجراء فحوصات شاملة , مالذي كان يمنعك من ذلك ؟
كان يإمكانك أن تؤسس شركة تطوير للعقارات , وتستولي على نصف أراضي الخزينة …هل كان يجرؤ ديوان المحاسبة على منعك ؟ هل كان يوجد برلمان يستطيع أن يقول لك لا …كان بإمكانك أن ترتدي أحلى انواع الملابس وتحضر ربطة العنق من إيطاليا والقميص من فرنسا والبدلة من إنكلترا وترسل لك شركة (بالي) أهم الأحذية …لكنك تورطت بغرام الأرض وورطتنا معك ..
كان بإمكانك أن تستقيل بعد العام (1971) وبدلا من مشروع الجبهة الرابعة الذي حملته للقاهرة , كي تؤسس مليشيا لقتال إسرائيل داخل الضفة ..كان بإمكانك أن تؤسس جامعة خاصة , وتلهط نصف الأراضي الحرجية ..وتحضر البنوك كي تمول مشروعك وتبني مليارات …كان بإمكانك بدلا من الحديث عن هوية مجتمع زراعي منتج , أن تأخذ وكالة (تويوتا) ..أو وكالة (جاكوار)…وتسطو على ملكية وسائل النقل العام ..هل كان أحد يتجرا أن يقول لك لا أو أن يقف في وجهك …
وبدلا من أن تقول جملتك المشهورة (بدنا نهمر عليهم) كان بإمكانك أن تقول (بدنا نلهط منهم) ….لكنك ورطتنا في درب المباديء , ورطتنا في الغرام ورطتنا في الوطن وعشقه , ورطتنا ..في الوفاء وصرنا حين يقال في مجلس ما كلاما أو حديثا في السياسة نهب إليك ونقول :- (وصفي حكى هيك) …
كان بإمكانك , بدلا من الحديث عن خطة طارق , وكيف تعاد صياغتها وتنتج على شكل مشروع مقاوم , هدفه استرداد الضفة بالقتال ..عبر خلق المليشيات الشعبية المقاتلة ..كان بإمكانك أن تتحدث عن الخصخصة وفوائدها وتبيع شركة الإتصالات , كان بإمكانك أن تتحدث عن الليبرالية ..وباسمها تحضر مجموعة من الليبرالين أو التكنوقراط وتسلمهم مفاتيح الإقتصاد …كان بإمكانك أن تسمسر ..وتبيع وتقسم وتلهط ..
وبدلا من أن تكتب في محاضراتك , التي كنت تلقيها في كلية الأركان :- (لايوجد قضية مركزية إسمها فلسطين بل يوجد عدو مركزي إسمه إسرائيل) كان بإمكانك ان تكتب (سيمنار) ..وتحضر (داتاشو) ..وتتحدث عن المشاريع الصغيرة ..ولتكن القضية برنامج التحول …وكيف نساعد على إنشاء المشاريع الصغيرة …
(٥٠) عام وأنت تعبنا يا وصفي , (٥٠) عاما أو أقل أو أكثر..وأنت في البيت وفي الكتاب وفي الهتاف وفي كل بندقية لمعت , أو دمعة نزفت ..في كل وردة وشهقة , في كل عنوان ونصر وإخفاق ..
لماذا أسست فينا المباديء ..حتى نتعب ؟ يكفينا تعب ..ولماذا زرعت في قلب كل واحد فينا وفي منتصف كل جديلة , وعلى حواف كل باب منزل أردني ..وفي فنجان قهوتنا , وعطوتنا ..وجاهتنا ..وذكريات من طواهم الشيب اسمك ورسمك وذكرك …
هلء جئت للعمر شهيدا , حتى نلجأ إليك كلما لهفوا من دمنا قطرة وكلما سرقوا من دمعنا فيضا ..وكلما أسالو من عرق كدنا نهرا …نلجأ إليك وكأنك ولي صالح عند قبره تقبل الطاعات أو تحل الكروب …أو أنك كربلاء على جرحها وحجم النزف فيها ..ما زلنا نستردها في القصيدة والأغنية والنبض ..
رحمك الله يا وصفي …كيف أسست فينا كل هذا الصمود ؟ ..وسنصمد نعم سنصمد ..نعم سنصمد . . !