صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
هل عاد الملك إلى أرض الوطن ؟ سؤال ثار في نهاية الأسبوع الماضي، مثلما ثار قبله سؤال كبير : أين الملك ؟ وهذان سؤالان مشروعان يحق لكل مواطن أردني أن يسألهما، لأنهما يتعلقان بقائد الوطن. وللأسف فلا أحد من مسؤولي الدولة يجيب عليهما. فغياب الملك لمدة تجاوزت الأربعين يوما دون أن نسمع عنه كلمة واحدة – حتى وإن كان في إجازة خاصة – أدى لانتشار الإشاعات التي ساهم في إطلاقها الأعداء.
الملك هو رأس الدولة وهو مبعث الأمن والاستقرار في البلاد، وهو وليس موظفا عاديا أو صاحب سوبر ماركت يمكن التغاضي عن غيابه، فمن الطبيعي أن يسأل عنه مواطنوه من باب الحرص على سلامته. وبهذه المناسبة خرج علينا يوم الأربعاء الماضي أحد كتاب القطعة، ليستنكر سؤال الشعب عن مليكه. فتحت عنوان : ” أين الملك . . لماذا السؤال ؟ ” وعلى اتساع صفحة كاملة في جريدة الرأي شبه الرسمية، ظهر علينا كاتب متزلف بمقال جامع لأحداث التاريخ وكأنه العقد الفريد.
وكي أبين تفاهة هذا الكاتب، سأورد بعض ما جادت به قريحته، من تهم مسيئة للسائلين عن ملكهم من شرفاء الوطن قائلا : ” إن الأرض تميد من تحتنا بفتنة وإشاعات متوحشة أيقظت الغرائز، ليحمل الرذاذ إلى الرذاذ مادة تملأ الفراغ بجنون وهوس، ظن دعاته أنه اجتمعوا على سؤال أين الملك يخدعون كل الأردنيين، ويحققون مرادهم من التشكيك بقائد الوطن بغية انهيار الوطن في وقت لاحق لا سمح الله “.
وأضاف : ” وبدل أن يتمنفخ على الأردن والأردنيين، من هو معروف بكل ما يحمل من آثام في تاريخه وتاريخ أهله، كل أولئك وهؤلاء تجمعوا في قطار بغيض، همه خلخلة ثقة الأردنيين التاريخية والمطلقة بعرشهم ومليكهم بسؤال ماكر، تم صكه في ليل ودُبّر في ليل ومرر في ليل ورفعه أبناء الليل وبناته، وصاروا هم المرجع لعقلنا وروحنا وتوجهاتنا وعقولنا . . .
أولئك هم أنفسهم سنسألهم كمواطنين، عن افتراءاتهم وأموالهم وأسباب سؤالهم عن غيبة الملك، وسنسأل عن رجالات الدولة الذين التزموا بيوتهم وتحولوا إلى ( الهاكم التكاثر ) فأصبحوا هم المقابر. إن الصمت الذي يمارس أيها الأردنيون الصابرون الطيبون من نخبنا الصامتة الفاجرة ليتساووا في الإثم مع دعاة الفتنة هم الإثم نفسه “.
ويختم ( هيكل الأردن الجديد ) مقاله بالتهديد والوعيد، في عبارة جعلتني أعتقد لوهلة أننا نقف أمام القائد المغولي جنكيز خان، ليقتص ممن يخالف أوامره بقوله : ” أما أنتم يا من أقلقتم راحتنا في الأيام الخوالي، لا تستمروا في اختبار صبرنا، فإن كان لديكم قوة الغدر فإننا نمتلك سطوة الثأر، وإن كان فيكم مختبئ خلف أصبعه فإن أصابع تقطع، إن استمرت بالتمادي على مقدساتنا، وليس عندنا أقدس بعد الله من جلالة سيدنا عبد الله وقواتنا المسلحة، وليس أعز فينا من أجهزتنا الأمنية التي ما زلتم تنازلونها باطلا بحق، وإشاعة بفعل وتطاولا بتواضع “. انتهى الاقتباس.
هذا كلام معيب بحق الأردنيين يجب أن لا يصدر عن صحفي إن كان يحترم نفسه، وعليه أن لا أن يلبس ثوب الوطنية الكاذب، ويزاود على شرفاء الوطن الذين أثبتوا ولاءهم للعرش قولا وفعلا خلال كل العقود الماضية، علما بأننا نعرف تاريخه. فهل السؤال عن الملك أيها الكاتب الهمام، محرما ويجعل سائليه يخرجون من الملّة ويستحقون كل هذا الهجاء ؟ من المؤكد أن الذي وظفك لكتابة هذا المقال الطويل قد أخطأ الهدف في اختياره.
فبدلا من تهدئة الرأي العام في البلد فقد فعل العكس تماما، وأثار الشكوك والتساؤلات أكثر مما هدأها، وأساء للأردنيين القلقين على مليكهم.
في يوم الأربعاء 2 / 8 / 2018 أعلنت وكالة بترا الرسمية عن عودة الملك إلى أرض الوطن دون أن تتطرق لعائلته المرافقة له. وفي اليوم التالي نشرت الصحافة المحلية، أن جلالته زار القيادة العامة للقوات المسلحة، وأظهرت صورته مجتمعا برئيس هيئة الأركان المشتركة في المكتب.
ومما زاد في شكوك المواطنين بهذه الرواية، أنهم لم يشاهدوا شريطا مصورا لوصول جلالته إلى مبنى القيادة العامة، ويظهر في استقباله رئيس هيئة الأركان ومساعديه كما جرت العادة في مثل هذه الزيارات. كما لم نسمع خبرا عن زيارته لرئاسة الوزراء، أو مشاركته في صلاة الجمعة، سواء في مسجد الحرس الملكي أو في أي من مساجد عمان أو العقبة. ولذلك راجت الشائعات من جديد بأن صورة جلالته في القيادة العامة، وصورة استقباله لوزير الخارجية الفرنسية التي لم يرد لها ذكر مسبق هما صورتان قديمتان.
واليوم أصبحنا لا نكتفي بسؤالنا السابق : أين الملك ؟ بل أيضا بسؤال جديد : هل عاد الملك إلى البلاد مع عائلته المرافقة له في الإجازة ؟ وإن كان كذلك لماذا لا يُظهر الإعلام شريطا حيا لنشاطات جلالته وولي عهده على بساطتها في هذه المرحلة، لكي يدحض الشائعات التي تتزايد يوما بعد يوم ؟
وإن كنا نطرح هذا السؤال المشروع، فإنما نمارس حقنا في الحرص على سلامة جلالته، ليتابع قيادة الوطن في هذه الظروف الصعبة، التي تحمل بشائر صفقة القرن، وأحداث الأقصى، وإعلان يهودية الدولة، وترتيب العلاقات الأخوية مع سوريا، إضافة لمعالجة قضايا الفساد المحلية، التي تفاجئنا كل يوم بشيء جديد.
وفي ختام هذا المقال أتمنى على كاتب السوء، أن بقي لديه شيء من الشتائم وأوصاف الخيانة والتآمر، أن يستل قلمه ليفرغها على أعدائه المواطنين الأردنيين، حتى وإن كان ذلك مقابل الأجر، في ظل غياب كامل لإعلامنا الهزيل عن الأحداث الجارية.
التاريخ : 4 / 8 / 2018