صراحة نيوز – بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
الفزعة هي عمل إرتجالي لفردٍ او مجموعة أفراد ، تدفع اليها النخوة والعطاء والانتماء والإيثار ، لتقديم المساعدة او العون في أمرٍ جلل او خطبٍ مفاجيء ، يُلحِقُ ضرراً خطيراً او جسيماً ، قد يصل الى فَقْدِ الحياة لأي من الطرفين او كلاهما .
كيف تُبنى الاوطان على أسس صحيحة سليمة علمية ؟
من محركها ؟ من
وقودها ؟ إنها الحكومات ذات النهج الوطني التي تضع الاستراتيجيات والسياسات والخطط لتطوير البلاد ، ولإستغلال إمكانات الوطن المتاحة ، وتفعيل الطاقات البشرية للسكان ، للإرتقاء بالوطن والمواطن ، والأخذ بالتدابير الوقائية لمنع وقوع الكوارث ، والتقليل من آثارها على الأرواح والممتلكات إن وَقَعَتْ .
وهنا لا بد من طرح سؤال : لماذا نلجأ لأسلوب الفزعة في الأردن ؟؟ الإجابة بسيطة وسهلة ومعروفة لدى الجميع ، اننا نلجأ لأسلوب الفزعة للتعويض عن تقصير الجهات الرسمية ذات العلاقة . مَن الضحية عندما يهِب المواطن الغيور ، الجَسور ليقوم بدور ليس مهيئاً له ، ومدرباً للقيام به ؟؟ الضحية في الغالب هو المواطن الغيور ، الجسور ، الشجاع ، المِقدام ، المنتمي لوطنه وشعبه ، كل هذا يدفعه ليعوض عن قصور الأجهزة المختصة في الدولة .
هل تُبنى الاوطان بالفزعة ؟؟ طبعاً لا .
الفزعة تعبر عن انتماء المواطن لوطنه ، وتَعني أيضاً في الوجه الاخر قصور في اداء الحكومات لو لم تُقصر الحكومات والأجهزة الحكومية في واجباتها واستعدادتها لانتهى اُسلوب الفزعة .
المشكلة الأكبر ان هناك أموراً ليس بمقدور المواطن المبتلى ان يفزع فيها ، مثل : تنفيذ المشاريع عامة ، وخاصة الطرق التي لا تنفذ وفق المواصفات التي تضمن جودة عالية ، وعليه فان غالبية شوارع المملكة متهالكة ، وكذلك الأبنية ، والخدمات بمختلف أنواعها ، وخاصة الصحية ، وبدون استثناء تراجعت الى مستويات معيبة ، يضاف الى ذلك تردي مستوى التعليم ، والتخبط في المناهج والسياسات التعليمية المدرسية والجامعية .. الخ.
اُسلوب الفزعة اوصلنا الى ان رُبع سكان الأردن غير اردنيين ، دون ان نأخذ بعين الاعتبار اننا ثالث أفقر دولة في العالم بالمياة ، مما ادى الى حرمان مناطق كثيرة من المياة لأسابيع وربما لشهور ، والمحظوظون تصلهم المياة لساعات ، ناهيك عن الخدمات الصحية حيث حصة الطبيب تزيد عن مئة مريض في اليوم ، والتعليم الذي وصل فيه عدد الطلاب في الصف الواحد الى أكثر من ستين طالباً ، والدوام على فترتين ، ناهيك عن ازدحام الطرقات ، وكثرة الحوادث ، وتهريب والاتجار في المخدرات ، وارتفاع نسبة الجريمة ، هذا عدا عن ما أترفع عن الإفصاح عنه .
الفزعة اذا كانت من مواطن فهي تدل على انه نشمي ولديه صفة الإيثار التي تعتبر من ارقى الصفات الانسانية ، مثل الشهيد البريزات رحمة الله عليه ضحى بروحة وأنقذ غيره في فاجعة البحر الميت ، هل هناك عطاء يرقى الى مستوى هذا العطاء للوطن !؟
اُسلوب الفزعة يُشعرني بالفخر على مستوى الأفراد او على المستوى الشعبي ، لكنه يشعرني بخيبة الأمل والتخلف على مستوى الحكومات او المستوى الرسمي ففي الاولى عِزّةٌ وفخرٌ ، وفي الثانية مَثْلبةٌ ونَخّْرٌ في كيان الوطن .
الفزعة مرتبطة بالنخوة ، والنخوة لا يتصف بها الا النشمي ، والنشمي أصبحت صفة مرادفة للأردني عند العرب عامة .