فيفا الجبل وغور فيفا

1 أبريل 2017
فيفا الجبل وغور فيفا

ربما يكون من قبيل الصدفة أن كثيرا من المدن والقرى والمواقع في مختلف الدول العربيّة تتشابه بالاسم ، فمثلا سلسلة الجبال التي تقع في الجنوب الغربي للمملكة العربيّة السعوديّة تسمّى جبال أو جبل فيفا ، و قرية من قرى الأردن وفي أخفض بقعة في العالم أيضا اسمها غور فيفا . فجبل أو جبال فيفاء تقع شرقي جيزان وتطلّ على الحدود السعوديّة اليمنيّة ، وهذه الجبال تبدو للناظر من بعيد ، وكأنّها جبل واحد بقمم مختلفة ويصل ارتفاعها الى اثني عشر ألف قدم ، وتعدّ من أكثر الأراضي صعوبة في التضاريس اذ أنّها شديدة الانحدار ، والطرق وعرة وخطرة ولكنّ هذه الجبال تسمّى معشوقة الضباب ، لأنّ الضباب ملازم لها في معظم أوقات السنة ، وهي من المناطق السياحيّة في السعودية ، ويأتي اليها الكثير من السعوديين والزائرين للاستجمام والاستمتاع بمناظرها الخلاّبة .

وبلدة غور فيفا تقع في الأغوار الأردنيّة الجنوبيّة بالقرب من البحر الميّت حيث عقدت القمّة العربيّة الأخيرة ، وترى من خلالها حدود فلسطين . ويعيش فيها عدّة آلاف من الناس ، حياة بؤس وفقر وبطالة ، وبدون أدنى أمل في التغيير، وبالرغم من أنّ معالم القرية يمكن أن يراها من يمرّ من الطريق المؤدّي الى العقبة . الّا أنّه وحين يقترب أكثر منها ، يرى أشباه بيوت تشعرك بالبؤس الشديد للكثير ممن يعيش فيها وبدون استثناء . بالرغم من وجود الكثير من المشاريع الكبيرة في منطقة البحر الميّت ، وهي مشاريع انشأت من أجل المساهمة في تنمية المجتمعات المحليّة وتحويل حياة الناس فيها الى حياة يمكن أن تعاش من غير أن يفكّر الشباب بالانحراف ، أو أن يضطر الصغير والكبير فيهم للعمل بأجرة زهيدة في أراضي زراعيّة كانوا هم أو أباءهم يوما ما يملكونها ، فاضطروا الى بيعها لسداد الديون المتراكمة عليهم نتيجة للخسارة المتلاحقة في مهنة الزراعة التي توارثوها ، والتي يتلاعب في أسعار منتجاتها من لا يخاف الله ولا يتّقيه .

أنشأت المملكة العربيّة السعوديّة هيئة تطوير وتعمير منطقة فيفا ، مهمّتها العمل على تنمية المنطقة وتطويرها سياحيا وذلك لأنّها تحتوي على مناظر خلاّبة لجبال شاهقة الارتفاع وفيها مياه معدنيّة يطلبها الناس من أجل الاستشفاء ، ولكن الطرق الموصلة اليها ترابيّة وعرة وشديدة الانحدار والسكّان لا يحصلون على الماء الّا من خلال نقلها على الدواب ، بالإضافة الى تحدّيات الزراعة والاتصالات والكهرباء ، وتطوير عين الماء الحارّة للاستشفاء ، وتجميع الامطار وغيرها . فتعبيد الطرق وايصال الماء الى بيوت المواطنين ودراسة المحاصيل الزراعيّة التي يمكن أن تزرع في المنطقة وربطها بشبكة الاتصالات مع العالم ، تحديّات كبيرة تواجه عمل الهيئة .

الناس في قرية غور فيفا لا يشعرون بجدّية الحكومة في حلّ المشكلات التي تواجههم ، مثل نسبة البطالة المرتفعة والديون الكبيرة على معظم أبناء القرية نتيجة للخسارة المتتالية غير المفهومة بالنسبة لهم بسبب عملهم بالزراعة والتي بسببها أصبحوا مطلوبين للتنفيذ القضائي ، مع أنّهم كانوا يبنون أملهم على القطاع الزراعي في تحسين مستوى معيشتهم ، خصوصا وأنّهم حين ينظرون الى الجانب الغربي ، أي الى جهة فلسطين المحتّلة ، يرون مزارع كبيرة وفلل وقصور ومناظر خلاّبة ، فيلعنون واقعهم ، ويتساءلون عن أسباب غياب التنميّة في منطقتهم التي يمكن أن تكون أيضا مثل الجهة الغربيّة لو تظافرت الجهود بين الحكومة وسكّان القرية والقرى المجاورة .

جبل فيفا وغور فيفا منطقتين من مناطق عالمنا العربي ، نرجو الله أن لا يمر وقت طويل الّا وقد أصبحتا من المناطق التي فيها تنمية حقيقيّة بالرغم من صعوبة تضاريس المنطقة الأولى ، وعدم الاهتمام الحكومي بالمنطقة الثانية .

د . عودة أبو درويش

الاخبار العاجلة