صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
لن يكتمل العيد دون أن نعايدكم، ونقول لكم أيها الأخوة والشركاء في الأرض الأردنية : أحد شعانين مبارك وعيد فصح مجيد، وكل عام وأنتم وأهلكم وأحبتكم بألف خير .
كيف لنا أن لا نعايدكم بعيدكم ،ولا تعايدوننا بعيدنا ،فنحن لانتقاسم عشق هذه الأرض وحمايتها فقط ، بل نتقاسم الأفراح والأتراح ايضا،ونواجه المصير ذاته معا .
أنا متأكدة بأن كل واحد منكم له ذكريات جميلة لا تنسى ، تقاسمها مع الجيران والأصدقاء المسيحيين وشاركونا بها ..
هل لنا أن ننسى تسابقكم معنا على طوابير شراء القطائف في أيام شهر رمضان الفضيل ؟ كما نتسابق في أيام صيامكم على المأكولات والحلويات ” الصيامي ” الخالية من البروتين .
ما زالت في الذاكرة ، عندما كنا نسكن في معسكر الجيش العربي، وجيراننا من المسيحيين يوجهون الدعوة لنا لنتناول معا طعام الإفطار الرمضاني ، وننتظر معا سماع المؤذن ، ونحن الأطفال نقف خارج المنزل لسماع صوت المدفع ، لنبدأ الإفطار .
ما زلت أذكر عصير الورد الجوري الطبيعي ، الذي يُقدم في الأعياد ، وخاصة أن عيد الفصح يأتي مع بدايات فصل الربيع الذي تتفتح به الأزهار، وكيف كنا نتسابق نحن أبناء الحارة من بنات وصبيان على جمع الورد الجوري بلونه الأحمر من حدائق منازلنا ، وتسليمه للجارة ( أم وليم ) ،لتصنع منه عصيرًا لذيذا تقدمه لنا ، عدا عن توزيع زجاجات العصير على جميع بيوت الحارة .
كيف لي أن لا أعايد على الأهل ممن تشاركنا معهم السراء والضراء ،وأعود بالذاكرة إلى تلك الحادثة التي تحمل أجمل معاني التآخي والتعايش الإنساني ، حيث كان جدي لوالدتي الإربدي ، الذي كان يعمل موظفا في محافظة مادبا قبل أن يستقر به المطاف للعمل في دائرة قاضي القضاة في العاصمة ، حيث قامت جدتي لوالدتي بإرضاع التوأمين ابني أم ثيودورس ، عندما اصابها مرض اضطرت لترك أطفالها والذهاب إلى فلسطين لتلقي العلاج ، ودونت تلك الحادثة على المصحف والكتاب المقدس من قبل الطرفين لتوثيقها ، ولحفظ الحقوق حيث يجيز ديننا الزواج من مسيحية ، وهكذا أصبح أخوالى ( بالرضاعة ) من المسيحيين- إن جاز ذلك – .
لن تنسينا الأيام ، كيف كنا نجتمع ” أولاد الحارة ” عند الجارة أم جورج ، لتزيين البيض وتلوينه بالألوان الزاهية أو بسلق أوراق البصل ،ونحتفظ بما يقدم لنا من بيض ملون في العيد في البوفيه، ونتفقده يوميا لنتأكد من أنه جف، وبدأ يصدر صوتا كالحجر، وكنا ننتظر عاما ليظهر علينا بلونه العقيقي الجميل .
وما زال في الذاكرة ، التفاف بنات وأولاد الحارة حول الجارة أم جينو ،وهي تعزف على البيانو ونغني معها أغاني العيد لفيروز ، وكلنا نعيش في بهجة وفرح وسرور بأجواء العيد .
لا تغيب عن الذاكرة ، جارتنا السلطية المسيحية أم خليل ، التي كانت تقيم وعلى مدار سنوات مأدبة افطار رمضانية يوميا للعمال الوافدين العاملين بشركة زوجها ، وتقدم لهم ما لذ وطاب من طعام، وتجمعهم على مائدتها هي وزوجها وأولادها .
أما زميلات الدراسة في مدارس الكلية العلمية الإسلامية من أبناء العاملين ، فأذكر أنهن في كل يوم (أحد ) كن يتأخرن لفترة معينة ، لحضور الصلاة في الكنيسة ، ومراعاة لذلك كانت الحصتان الأوليان تخصصان لمواد غير أساسية في ذلك اليوم .
وكم كانت فرحتنا أنا واخواتي عندما كانت والدتي – رحمها الله- تجهزنا ونحن صغارا لنشارك أبناء الجيران وبناتهم في حمل(سعف النخل)و(أغصان الزيتون ) المزينة في أحد الشعانين ، ونسير معهم نحو الكنيسة .. وكانت ترافقنا مشاعر فرحة الأطفال بالعيد ، لنعود مسرعين لنتذوق كعك العيد في بيت أبو رجائي ، ونعايد على بيت أبو وأم أيمن.
في عيدكم ، نقول لكم : أعاده الله عليكم وعلينا ونحن جميعا قد نجونا من وباء الكورونا اللئيم ، ونحن نتمتع بصحتنا وعافيتنا ..
احد شعانين مبارك ، وعيد فصح مجيد للجميع