صراحة نيوز – بقلم خالد العلاونه
من خلال تجربتي الشخصيه اثناء خدمتي جنديا في القوات المسلحه الاردنية كانت خدمة العلم لمدة عامين وبراتب لم يزد عن تسعة عشر دينارا ونصف .. وكان المكلفون بأداء هذه الخدمة شبابا تتراوح اعمارهم بين ثمانية عشر عاما وثلاثون عاما وكانوا من شتى الفئات العلمية والمهنيه فمنهم الطبيب ومنهم المهندس ومنهم المحامي ومنهم المعلم ومنهم المحاسب ومنهم المدير ومنهم الموظف الصغير ومنهم الحداد ومنهم النجار ومنهم الطوبرجي ومنهم البنشرجي ومنهم الميكانيكي ومنهم الكهربائي … من شتى التخصصات العلمية والمهنيه . ومنهم الشباب اليافع الذي خرج من المدرسة الى خدمة العلم مباشرة دون شهادة علمية او خبره مهنيه
نسبة قليلة جدا منهم لا تكاد تذكر يتم توزيعهم حسب تخصصهم العلمي والمهني بعد انتهاء مدة تدرييبهم العسكري والغالبية العظمى يتم توزيعهم على الوحدات الميدانيه من باب النقص العام فلم يكن غريبا ان تجد مهندسا او محاميا او معلما او حتى طبيبا يخدم في وحدة ميدان مقاتله فيكون قد امضى من عمره سنتين لا هو استفاد منها كخبرة عمليه سواء بتخصصه العلمي او المهني ولا الدوله ممثلة بالجيش استفادت منه سوى بعض الخفارات واعمال الصيانه و التنظيف اما من كان غرا لا يحمل تخصصا علميا او مهنة يعمل بها فتراه مبدعا في عمله الذي اسند اليه في كتائب الميدان كجندي مقاتل مدرب محترف .. ولكن للاسف ما ان يصل الى مستوى عال من الحرفية في الميدان حتى تكون فترة العامين قد انتهت فلا هو استفاد شيئا ولا الجيش استفاد منه خاصة اننا كنا في فترة الهدوء او كما يقال حالة اللاسلم واللاحرب وتكون الدوله قد اهدرت عشرات ان لم يكن مئات الملايين على تجهيز واعداد وتدريب الملكفين وادامة جاهزيتهم لمدة عامين على مدى عشرين او ثلاثين عاما دون ان تحقق ادنى نسبة من الانتاج الفعلي المرجوة منهم .
بعد ذلك تم تجميد خدمة العلم منذ ما يزيد عن ربع قرن من الزمن مما اتاح الفرصة للشباب اصحاب المهن والمتعلمين من البحث عن فرص عمل لهم سواءا داخل الاردن او خارجه دون وجود عائق تنفيذ خدمة العلم والتي اضاعت على الكثيرين منهم سابقا فرصا جيده للعمل في داخل الاردن وخارجه وكذلك خففت عن كاهل الدولة مصاريف باهظة كانت تنفقها على المكلفين تجيهزا وتدريبا واعدادا وادامة عمل دون تحقيق الفائده المرجوه .
الان تعود خدمة العلم بحلتها الجديبده ولا ارى الا انها حلة مشوهه .. ولا ندري الفائده المرجوه من هذه الخدمة بهذه الطريقه والتي نرى في باطنها انها انما جاءت مفصلة لأبناء الفقراء والبسطاء لأن ابناء المتنفذين والاثرياء والمسؤولين والوزراء قادرين على التملص منها لانه من السهل عليهم التسجيل في شركات آبائهم كموظفين او الانتساب من خلالها الى الضمان الاجتماعي وبالتالي لا يطلب منهنم تأدية هذه الخدمة حتى لا تقطع ا رزاقهم .. قيتبقى ابناء الحراثين والذين سيتم توزيعهم على شركات وعقارات ومنشآت الاثرياء للعمل لمدة تسعة اشهر مقابل مائة دينار قد لا تكفيهم بدل مواصلات بينما تؤمن للمتنفذين والاثرياء موظفين ببلاش .
اذن هي ليست خدمة للعلم والوطن .. انما هي خدمة لاصحاب النفوذ والاثرياء والحيتان وعلى اتجاهين .. الاول اعفاء ابنائهم من هذه الخدمة اما الثاني فهو توفير ايدي عامله لهم مجانا وعلى مبدأ السخره .
لماذا لا يتم الاستفاده من تجارب الاخرين في توظيف خدمة العلم لتحقيق انتاجية جيده للدوله من ناحية وتأمين راتب متوسط للفرد من جهة اخرى بحيث يتم توزيع المكلفين كل حسب اختصاصه العلمي او المهني على دوائر ومؤسسات الدولة وشركاتها ومنشآتها وبراتب متوسط فتكون الدولة قد استفادت من هذه الطاقات البشريه في انتاجيتها حسب التخصصات والمهن ويكون المكلف استفاد خبرة عملية لمدة سنتين في مجال تخصصه العلمي او المهني واستفاد دخلا متوسطا يعينه على مواجهة متطلبات الحياه .
فلتكن خدمت العلم خدمة منتجه للوطن لا خدمة للحيتان .