صراحة نيوز – بقلم المهندس سمير الحباشنة
تنصب أحاديث الملك حفظه االله هذه الأيام عبر مشاركاته في نقاشات المسألة الاقتصادية، على حثه للأجهزة الحكومية المعنية، بضرورة صياغة قرارات اقتصادية، من شأنها تحسين حياة المواطنين، بتوليد فرص عمل وتنظيم واقع العمالة بشقيها الوطني والوافدة، وحفز الاقتصاد نحو المزيد من الاستثمار، وتعظيم الصادرات، والخروج من الرتابة الإدارية والإجرائية المهيمنة، على صنع القرار الاقتصادي بمستوياته المختلفة.
والحقيقة أن الملك يتحدث بتطلعات كل الأردنيين، الذين يأملون بأن يروا الحكومة أكثر قدرة على صنع القرار برشاقة وشفافية، وترجمة أهدافنا الاقتصادية وفقْ خطط وبرامج عملية، وليس إعادة إنتاج مكرورة للأهداف ذاتها، بجمل أخرى إنشائية، تعطي نفس المدلول النظري دون تحقيق الأهداف المتوخاة.
إن ما هو مطلوب اليوم من الحكومة، أن تبدأ بتقييم الأداء السابق، وتحليل النتائج المترتبة على أدائها طوال العام الماضي، فالتقييم عملية ضرورية لا بد أن تستبق الاقدام على أي برنامج مستقبلي، فالتقييم من شأنه أن يُشخص عناصر القوة والدفع الإيجابي
للاقتصاد، فيتم السير بها وتعميقها، وكذلك تحديد عناصر الضعف والدفع السلبي، وبالتالي تجنبها أو التخلص منها.
والحكومة لا تخسر أن اعترفت بأنها أخطأت في بعض السياسات، وبالتالي فالرجوع عن الخطأ فضيلة.. على كل لا بد من مراجعة الاجراءات التي أتخذتها الحكومة والعودة عن كل إجراء لم يعط ما هو متوخى منه.
( 2 )
أثبت قانون الضريبة المعمول به منذ باكورة عمل الحكومة الحالية، بأنه قد نفَر الاستثمار وأضعف من القوة الاستهلاكية للمجتمع، الأمر الذي أدى الى انخفاض حاد بموارد المالية العامه للدولة. وأن الأرقام التي أعلنتها الحكومه بهذا الصدد، خير شاهد على ذلك.
فالموارد المالية انخفضت والعجز في الموازنة ارتفع، ما أدى الى المزيد من الدين لتعويض خسارات الخزينة وضرورة الإيفاء بما يترتب عليها من التزامات لا تنتظر التأجيل.
إن الشاهد الماثل للعيان على سلبية رفع الضرائب والرسوم، هو ما حصل في قطاع المركبات وبالذات الهجينة والكهربائية، حيث لم يتم على سبيل المثال التخليص طوال شهر آب من هذا العام إلا على «28 «مركبة مقارنة بأكثر من «3000 «مركبة في آب من السنة
الماضية في ظل القانون السابق! الأمر الذي أضر بالخزينة، كما أضعف من برامج الدولة البيئية والتخفيف من الغازات الضارة المنبعثة من المركبات خصوصاً في مدينة مكتظة كما هي عمان وفي بلدٍ تتحرك به أكثر من مليون ونصف مركبة!. وكذلك فأن اسلوب الدعم النقدي للخبز، لم يعط النتائج المأمولة، وكما قالت الحكومة فأن الدعم المقدم للمواطنين فاق كثيراً المبلغ المخصص في الموازنة لهذا البند.
تلك أمثلة تتطلب مراجعة التوجهات الحكومية، والعودة عنها لما من شأنه تحفيز الاستثمار، وكذلك إتباع برامج اقتصادية لا تغفل بعدها الاجتماعي، بل وان يكون البعد الاجتماعي هو الاساس عند رسم اية خطة او برنامج اقتصادي او مالي. فالمواطن هو أداة التنمية وهدفها في آن معاً.
وبعد: الحكومة مطالبة باستكمال ما بدأته في الأسبوع الفائت من قرارات «معقولة» تلك التي أعلنها دولة الرئيس والفريق الوزاري، بحيث يتم بالفعل وضع خطط عملية من شأنها تشجيع الاستثمار بشقيه المحلي والأجنبي، والارتقاء بالنشاط الاستهلاكي للمواطنين إلى
مستويات من شأنها تنشيط الاقتصاد وزيادة الإنتاج في شتى القطاعات بل والولوج إلى استثمارات جديدة. أعتقد أن المناسب أن يتم نشر ما يجري من ورشات اقتصادية تلك التي يحضر جلالة الملك بعضها، ليتم مناقشة توصياتها وصولاً إلى الاتجاه الأفضل للخروج من
المأزق الاقتصادي والاجتماعي الماثل للعيان.
واالله والوطن من وراء القصد..