قصة المعلم والعلكة والتسول

31 مايو 2017
قصة المعلم والعلكة والتسول

صراحة نيوز – “أقسم بالله أنني لم ولن أتسول ولم أعمل إلا ببيع العلكة منذ أشهر بسبب الظروف المالية الصعبة التي أمر بها”، بهذه الكلمات بدأ المعلم محمد عثمان حديثه، عن حادثة ضبطه من قبل وحدة مكافحة التسول في منطقة الصويفية الجمعة.

وقال “حالي كحال كل المعلمين الذين أجبرهم تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية على امتهان وظائف خارج اختصاصاتهم ليتمكنوا من العيش بكرامة، لكن الفرق أني ضرير وعملت ببيع العلكة لأني لا استطيع العمل مثلهم في النجارة أو الدهان أو القيادة أو خلف صناديق المحاسبة في المولات”.

وأوضح عثمان، أن مكافحة التسول أوقفته بحجة قيامه بالتسول، غير أنه في الحقيقة كان يبيع العلكة والسكاكر.

وقال: إن الكل يعلم السهولة التي تميز التسول والمردود المادي الكبير الذي توفره، لكنني أخترت العمل مهما كان مردوده بسيطاً، فأنا مضطر لهذا العمل لكي أعيش.

ولد عثمان في العام 1983 بضعف جزئي في البصر إلى أن اصيب بالعمى التام في العام 2006 خلال دراسته في الجامعة الأردنية التي تخرج منها بشق الأنفس في العام 2009 حاملاً الشهادة الجامعية الأولى في اللغة العربية، الأمر الذي مكنه من التقدم للتعيين من خلال ديوان الخدمة المدنية على حساب الحالات الانسانية، وحصل منذ ذلك العام على وظيفة معلم غير مكلف في وزارة التربية والتعليم.

ويقول، بعد أعوام من العمل في التربية، تزوجت ورزقت بأبني الأول أحمد، لكن هذا الزواج يمر الآن ببعض المشاكل، التي رتبت علي التزامات مالية كبيرة، موضحاً أن إجمالي راتبه يبلغ 509 دنانير، إلا أن ما يتبقى له لا يزيد على خمسة وعشرين ديناراً بسبب الاقتطاعات، وهذه الاقتطاعات مثبتة على كشف الراتب، ومنها 89 اقتطاع الوزارة، و150 نفقة لزوجتي، و270 سداد ديون مثبتة عن طريق الوزارة.

وأضاف انه كلف مطلع العام الدراسي بالعمل مع جمعية الملتقى الثقافي للمكفوفين بوظيفة مدرب مهارات التعامل مع المكفوفين لمرتبات الأمن العام، بنفس راتبه من الوزارة، ومع تردي أوضاعه المعيشية كان عليه الالتزام بالعمل بالوظيفة الثانية غير أن ظروف أصابته بالعمى تحول دون قدرته على أداء أي وظيفة أو حرفة، ما اضطره للعمل ببيع العلكة في منطقة الصويفية.

ووجه المعلم رسالة إلى وزارة التربية التي أعلنت راتبه على الملأ، لماذا لم تعرض كشف راتبه الذي يتضمن اقتطاعات تفوق 95 % من الراتب، مضيفا أنه بعد ما جرى لن يعود لبيع العلكة، لكن يتساءل ” هل تعلم وزارة التربية التي سارعت لإدانته دون التثبت من حقيقة ما وجه له، أن معظم المعلمين والعاملين في الجهاز الحكومي يضطرون للعمل بوظيفتين وأكثر من أجل لقمة العيش”.

غير أنه أكد اعتزازه بالدرجة الأولى بعمله الأساسي كمعلم في وزارة التربية، واعتزازه بعضويته في نقابة المعلمين.

وكان مصدر تربوي في الزرقاء أكد أن المتسول الذي ضبطته وحدة مكافحة التسول في منطقة الصويفية الجمعة، هو معلم من مديرية التربية والتعليم لمنطقة الزرقاء الأولى، ومنتدب إلى وزارة أخرى منذ مطلع العام الدراسي.

وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه، إن المعلم ضرير، وتم التأكد من سجلات المعلمين، مضيفا أنه عضو هيئة إدارية منتخب في جمعية للمكفوفين، تعنى بتنمية الحركة الفكرية والثقافية لدى المرأة الكفيفة، وتوسيع قاعدتها وتشجيع البحوث والدراسات التأهيلية لدى المرأة الكفيفة ومحو أمية المرأة الكفيفة وتثقيفها.

الغد

الاخبار العاجلة