صراحة نيوز – بقلم المهندس سمير الحباشنة
تمرّ ذكرى احتلال بغداد هذا العام والعرب في حالٍ لا يسر، كلٌ له عدوٍ متربص في هذه الأمة. تأتي هذه الذكرى والعراق العظيم لم يلملم جراحه بعد.. وما زالت المذهبية القاتلة
والعرقية المقيتة، تنخرُ في جسد العراق المتعَب المنهك بفعل الاحتلال والحروب والإرهاب.
في ذكرى الاحتلال نأمل من ساسة ومثقَفي العراق أن يعيدوا النظر بكل ماهو قائم من
مظاهر استثنائية ضارة وإعادة احياء للوحدة الوطنية في اطار احترام المواطنة بكل ما
تحمل من مضامين للمساواه دون النظر إلى معتقد الشخص وعرقه. وأن يسعوا لأن
يعيدوا للعراق وجههُ المشرق، والانتهاء من قوانين الاجتثاث التي حرمت العراق الكثير
من كفاءاته البشرية التي تلقفتها الدول الاخرى. فيسمح لها بالعودة للمشاركة في إعادة
البناء والنمو. فالعراق عظيم في فؤاد كل عربي، وهو من الأحصنة التي يراهن عليها..
حين تأتي اللحظة التاريخية لنهوض العرب..
وحال العرب ليس أفضل حالاً من العراق، فخسارتنا كعرب من الأرواح بفعل جائحةِ كورونا،
أقربُ إلى لعبِ الأطفال، حين نقارنها بغزارة الدم الذي سال داخل مسالخنا العربية، التي
أنشأناها بأيدينا واستقدامنا خبرات أجنبية لتساعدنا بتوسيع «الطاقة الإنتاجية» لتلك
المسالخ، فتذبح المزيد والمزيد من مواطنينا. نتيجة ذلك إن فقدنا – وما زلنا – نفقد مئات
الألوف من الأحباء، جُلّهم من الشباب، دم عربي مازال منهمراً، لا يتوقف!
شاهدوا الحال المؤلم، في اليمن، وفي سوريا، وفي ليبيا، حروب «داحس والغبراء» لم
تتوقف منذ سنين، حتى استبيحت أوطاننا من الغير، وأضحت ملاعب لصراعات الأجندات
الأجنبية! ناهيك عن التقصير الفاضح نحو فلسطين، بل وتخريب لبنان، تلك الزهرة
الجميلة التي تتوسط الجغرافيا العربية، لبنان العربي الذي يكاد ان ينزلق نحو السقوط…
إن لم يتم تدارك ذلك ومد يد العون له لتجاوز أزمته السياسيه الاقتصاديه المركبة. فذلك
واجب العرب فهم أولى من فرنسا أو غيرها من الدول الأجنبية.
والسؤال: متى نفيق من غيبوبة الحقد والثأرية والانقسامات المذهبية اللعينة، والاستعانة بالآخر على الشقيق، فيتوقف نزفُ الدم، والخراب الذي أكلَ الزرع وجفف الضرَع!؟ وجعل كلّ ما هبّ ودبّ من كل أجنبيٍّ طامع، أن يتجاسر علينا بقضمِ أرضاً أو سرقةِ ثروات أو مياه.
وأن العرب أمام كل ذلك، لاحول لهم ولاقوة، فقوتهم مشغولة بأولوية «أهم»: بقتالٍ عبثي
حيث يقتل العربي أخاه دونما مسوغ معقول!
وأن صوت العقل ما زال خافتاً، والفعل الايجابي المكافئ ما زال دون القدرة على التصدي.
وبعد.. نحتاج إلى أن نسترجع الحكمةَ فينا، فيتغلب العقل الراجح، فننتهي من هذه
المهازل.
ذلك أن أفعالنا تلك، وإن لم يتم تدارك ما فات من أذى، وإن لم تتوقف كل هذه الفوضى
المنسوجة بالدم، فإن جيلنا العربيّ المعاصر سوف يحتل صفحة سوداء، يوَثِقها لنا التاريخ
في سجلات الخزي والعار .