صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
ما أن يتم الإعلان عن إنهاء عقد مسؤول في وظيفة قيادية عليا، أو تتم إحالته على التقاعد ، أو الاستغناء عن خدماته ، أونقله إلى وظيفة أخرى ، حتى تتجلى المهزلة في عملية البحث عن بديل، من خلال اعتماد أسس شخصية قائمة على الشللية في ملء الشواغر ، خاصة في ظل “غياب” العدالة والشفافية والنزاهة، والحياد وتكافؤ الفرص .
فتخرج علينا التعيينات العليا بعيدة كل البعد عن تحقيق المصلحة العامة للوطن ، وتصبح غير ذي فائدة تنعكس على المواطن ، بعد أن يتم اعتماد اسلوب “الاستخفاف” بعقل المواطن ، الذي يعتقد “ساذجا” أن مثل هذه الاجراءات تحقق العدالة ، وتأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة .
لكن المواطن يصطدم بحقيقة تأثير الواسطات والضغوطات، والمحسوبيات التي تمارس في تعيين القيادات العليا ، التي جعلت مؤسساتنا هزيلة مترهلة تراوح مكانها ، بسبب اعتلاء أصحاب الواسطات أعلى السلم الوظيفي فيها، و حرمان أصحاب الكفاءات من العطاء، وفرصة خدمة أبناء الوطن ، عندها لا نستغرب ان يتسع الاحباط بين الموظفين ،وتكبر دائرة الترهل في الجهاز الحكومي، نتيجة حتمية لتوقف عجلة الانجازات.
لقد وصل الوضع إلى حالة من الاستهتار في إجراء التعيينات للوظائف القيادية الشاغرة ، وبالذات عندما تعتمد الحكومة اسلوب الاعلان عن شغل الوظائف الشاغرة ، وتحدد الشروط الواجب توافرها بالمتقدمين ، وتحديد موعد لنهاية قبول الطلبات ، والتأكيد بأن الاوراق المطلوبة يجب أن تكون مصدقة ورسمية.
وبعد أن ينشغل المتقدمون في تجهيز الأوراق المطلوبة، وينهمكون بتقديم الأوراق تحصل “دفشة صادمة ” من قبل الجيوش الجرارة من الواسطات الداعمة لبعضهم ولسيرتهم العملية والوثائق المطلوبة والممهورة جميعها بالواسطة والمحسوبية ، يتفاجأون بتعيين شخص من خارج المتقدمين .
وفي كثير من الأحيان يتم ترك المنصب شاغرا لأسباب مجهولة ولغايات في نفس المسؤول ذي الوزن الثقيل ، لأنه يريد من خلالها الاحتفاظ بهذا المنصب لشخص معين غير جاهز في الوقت الحالي ، أو رغبة منه في الاستمتاع بالواسطات التي تشعره بأهميته وترضي غروره ، أو اعتماد اسلوب “تمويت القلوب” من خلال الاطالة في الفترة الزمنية وما يرافقها من حالة شد للأعصاب يصل معها المنتظر إلى حالة القبول لذلك الاسم الموجود على قصاصة الورق الموجودة في جيب المسؤول، دون أي اعتراض أو احتجاج ، والقبول بالأمر الواقع والاستسلام لأي قرار .
الممتع في الامر ، وفور الاعلان عن شاغر وظيفة عليا ، تنتشر بورصة الأسماء التي تطلق هنا وهناك، والتي يتم تداولها لتعبئة الشاغر ، لترافقها عمليات البحث عن الواسطات ذات الاوزان الثقيلة لإيصال الأسماء وتزكيتها لدى المسؤول الأول،من أجل الظفر بالمنصب الشاغر ، وفي الوقت نفسه يرافق ذلك عمليات اطلاق للوعود الكاذبة ، تنتشر معها عمليات الاطاحة بالآخر والإساءة لسمعته ولسيرته الوظيفية ، وما أن نصل إلى مرحلة الاعلان النهائي عن اسم الفائز بالمنصب الشاغر حتى نكون قد اطحنا بسمعة الكثيرين وسيرتهم العملية مقابل ايصال صاحب الحظوة بالواسطة والمحسوبية ، وأسهمنا باستكمال عمليات “الانهيار” لمؤسساتنا الوطنية .