كسبت هند الفايز وخسرت الدولة

17 مايو 2019
كسبت هند الفايز وخسرت الدولة

 

 

 

صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان

من الواضح أن السيدة هند الفايز، قد كسبت الجولة في قضايا الوطن وخسرتها الدولة، كان ذلك من خلال خطة مدروسة تم رسمها بليل، لاعتقال السيدة الحرة هند يوم الخميس الماضي. لم تكن هند أول المعتقلين ولن تكون آخرهم، إذ يبدو أن الحبل على الجرار. فالاعتقالات للشباب الوطنيين تسير على قدم وساق، بفعل القبضة الأمنية الجديدة التي تعتمد – سياسة العصا والغاز الخانق – التي تبنتها حكومة الرزاز، من خلال بعض مسؤوليها الأمنيين، الذين يتصفون بضيق الأفق وقلة الصبر.

لقد حدث في الآونة الأخيرة أن أقتحم ملثمون مسلحون حرمة منازل بعض المواطنين مع ساعات الفجر، ليقتادوا شبابا صدحوا بكلمات بريئة عبروا بها عما يختلج في نفوسهم، أو رفعوا شعارات لم تعجب الجهات الأمنية، فروّعوا النساء والأطفال، وأربكوا الحياة المدنية في مجتمعات هادئة، لم تعتد على مشاهدة هذه الممارسات الغريبة.

ففي ذلك الفلم الذي أخرجه خبراء الترويع مساء الخميس الماضي، تم نصب كمين من قبل دورية مشتركة بين رجال ونساء أمنيين على غير العادة، كانت مهمتها اعتقال سيدة عزلاء تنتمي لإحدى العشائر الأردنية العريقة – وليس لعشيرة داعش، أو لعشيرة اللصوص سرقة الأوطان – كان سلاحها الكلمة والأيمان بوطنها الأردن. فاعترضت طريقها الدورية وألقت القبض على السيدة هند، بأسلوب عنيف يفتقر إلى اللياقة والأدب، الذي عُرف عن الأردنيين في تعاملهم مع النساء، وتم اقتيادها قبل ساعة الإفطار في رمضان إلى المعتقل، وكأنها مرتكبة جريمة عظمى. كان ذلك الفعل مقصودا في بداية عطلة أسبوعية للدوائر الرسمية لتعطيل تكفيلها.

السيدة هند الفايز ناشطة سياسية تشارك في مختلف القضايا الوطنية، مذ كانت عضوا في البرلمان الأردني وما بعده، لاسيما وأنها الآن عضو في لجنة المتابعة الوطنية. ولهذا فإنها تتحدث في اللقاءات والندوات وفي الاجتماعات، سواء كان ذلك على الدوار الرابع، أو في مختلف المدن والقرى الأردنية، وتعبر عن أرائها الشخصية في مسيرة الدولة بكل وضوح وأدب.

هذا النشاط للسيدة هند لم يعجب بعض المسؤولين، خاصة من كانت هناك لهم خلافات شخصية سابقة معها. فحانت لهم اليوم فرصة الانتقام وتصفية الحسابات القديمة. وهكذا تفتقت عقلياتهم الأمنية الساذجة، لتضع خطة رديئة التخطيط والإخراج، اعتمدت سببا واهيا للاعتقال، ارتكزت على قضية مالية يمكن تسويتها لدى المحكمة، بدفع جزء من المبلغ وتقسيط الباقي دون الحاجة لللاعتقال.

وعندما حاول شقيقها دفع المبلغ المطلوب كاملا للجهة المختصة، جرى تغييب موظف القبض في شمال عمان، وتعطيل نظام الحاسوب في مطار الملكة علياء الدولي، وهما اللذان يفترض بهما أن يعملا على مدار الساعة حتى في أيام العطل. هذا الأمر تسبب بمبيت السيدة هند تلك الليلة في المعتقل، إلى أن أطلق سراحها في اليوم التالي، بعد أن قبلت الجهات المعنية قبض المبلغ المطلوب. وهذا يدل على أن القضية ليست قضية رمانة، بل قضية قلوب مليانة، كما يقول المثل الشعبي.

وفي هذا السياق دعونا نتذكر عشرات الشباب الذين جرى اعتقالهم، لمطالبتهم سلميا بالإصلاح وإن اختلفت الأساليب، من خلال كلمة أو جملة عارضة، أو شعار عالي السقف طار في الهواء. وهناك أيضا قضية المهندس عبد الله العموش، الذي جرى دهسه بالسيارة مرتين ولم يقم الداهس بإسعافه. وعندما أسعف من قبل آخرين ونقل إلى غرفة المعالجة الحثيثة في المستشفى، دخل عليه – على حد قوله – ستة أشخاص بلباس الأمن العام، واعتدوا عليه بالضرب، ثم أطلقوا الغاز الخانق في غرفته كاد أن يودي بحياته.

عند مراجعة الأهالي للأجهزة الأمنية بغرض البحث عن مرتكبي الحادث، عجزت تلك الأجهزة في التعرف على هوية الفاعلين، وقُيدت القضية ضد مجهول. وهذا أمر ينذر بخطورة بالغة تدفعنا لطرح السؤال التالي على المسؤولين في الدولة للإجابة علية : هل نحن أمام عصابات بلاك ووتر أردنية جديدة هذه الأيام، وعلينا أن نستعد لمواجهتها ؟ أم الدولة ستقوم بهذا الدور ؟

ومن خلال هذه الحادثة فقد كسبت السيدة هند الفايز جولتها في الدفاع عن قضايا الوطن، وزادت من شعبيتها في داخل الأردن وخارجه، بل وزادت من تصميمها على مواصلة السير في خطها الوطني النبيل السابق. بينما خسرت الأجهزة الأمنية بممارستها تلك سمعتها لدى المواطنين، وشوهت صورة الدولة لدى الهيئات الدولية لحقوق الإنسان.

وفي الختام . . فإنني أرجو من المسؤولين في الدولة الأردنية، أن يتقوا الله بهذا البلد، وبهذا الشعب المسالم، والمُنهك من أفعال الحكومات المتعاقبة، وأن لا يدفعوه للخروج عن طوره وتقاليده الحميدة، التي عُرف بها منذ تأسيس الدولة، تجنبا لوقوع فتنة بين المواطنين لا سمح الله.

التاريخ : 17 / 5 / 2019

ملحوظة : أرجو من الإخوة المعلقين تجنب الإساءة في التعليقات ولكم الشكر.

الاخبار العاجلة