صراحة نيوز – سيطر الجيش السوري الاثنين على كامل دمشق ومحيطها للمرة الأولى منذ العام 2012 معلناً اياها مناطق “آمنة” إثر طرده تنظيم داعش من آخر جيب له في جنوب العاصمة الذي يعد مخيم اليرموك أبرز أحيائه.
ويأتي الإعلان بعد ساعات من خروج آخر مقاتلي التنظيم المتطرف من الأحياء الجنوبية بموجب اتفاق إجلاء برعاية “روسية” أكده المرصد السوري لحقوق الإنسان، من دون أن ياتي الاعلام السوري الرسمي على ذكره.
وأعلن الجيش السوري في بيان عصر الإثنين “القضاء على أعداد كبيرة من مسلحي تنظيم داعش الإرهابي ما أدى إلى إحكام السيطرة التامة على منطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك” لتصبح بذلك “دمشق وما حولها وريفها وبلداته هي مناطق آمنة بالكامل وعصية على الإرهاب ورعاته”.
ومع تحول حركة الاحتجاج في سوريا إلى نزاح مسلح، فقدت القوات الحكومية تدريجياً في العام 2012 السيطرة على أحياء في جنوب العاصمة بدءاً من حي التضامن ثم في شرقها وفي محيطها.
وفي العامين 2017 و2018، شنّ الجيش السوري عمليات عسكرية عدة اعقبتها اتفاقات إجلاء بدأت بخروج مقاتلين معارضين من أحياء في شرق العاصمة، ثم من محيطها. وكان أبرز تلك العمليات في نيسان/أبريل 2018 مع خروج الفصائل المعارضة من الغوطة الشرقية، التي بقيت لسنوات معقلها الأبرز قرب العاصمة،
وبعد الانتهاء من محيط دمشق، بدأ الجيش في 19 نيسان/أبريل هجوماً على أحياء في جنوب العاصمة كانت تحت سيطرة التنظيم منذ العام 2015 هي الجزء الأكبر من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين وأجزاء من أحياء الحجر الأسود والتضامن والقدم.
وبعد أسابيع من المعارك والقصف، تم التوصل الى اتفاق لإجلاء مقاتلي التنظيم المتطرف وعائلاتهم. وبدأ تنفيذ اتفاق الإجلاء برعاية “روسية” الأحد، وفق المرصد، واستكمل فجر الإثنين بخروج الدفعة الثانية من مقاتلي التنظيم وأفراد من عائلاتهم.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس الإثنين “انتهت عملية الإجلاء بخروج 1600 عنصر من تنظيم الدولة الإسلامية وأفراد من عائلاتهم على متن 32 حافلة يومي الأحد والاثنين”، وتوجه هؤلاء الى جيب تحت سيطرة التنظيم في البادية السورية.
وكانت قوات النظام فرضت سيطرتها على أحياء الحجر الأسود والقدم والتضامن، لتدخل لاحقاً إلى مخيم اليرموك لتمشيطه بحثاً عن جهاديين متوارين.
ويُعد اليرموك أكبر المخيمات الفلسطينية في سوريا، وكان يعيش فيه قبل الحرب 160 ألف شخص بينهم سوريون. لكن الحرب، التي وصلت الى المخيم في العام 2012 وعرضته للحصار والدمار، أجبرت القسم الأكبر من سكانه على الفرار.
ومنذ التوصل الى الاتفاق السبت، سرى هدوء في جنوب العاصمة بعد أسابيع من المعارك العنيفة والقصف الجوي والمدفعي، وعمد التنظيم إلى إحراق “مقاره وآلياته” قبل خروج عناصره بحسب المرصد.
وشاهدت مراسلة فرانس برس في دمشق أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد من جنوب دمشق.
وفي أول تعليق رسمي قبل ظهر الاثنين، تحدث مصدر عسكري سوري عن اتفاق لوقف اطلاق نار “موقت” و”لأسباب إنسانية” جرى خلاله “إخراج النساء والأطفال والشيوخ من منطقة الحجر الأسود” المحاذية لمخيم اليرموك من دون أن يأتي على ذكر مقاتلي التنظيم المتطرف.
وتمت عملية الإجلاء وفق عبد الرحمن “ليلاً بشكل سري وبعيداً عن الأضواء”، عازيا ذلك إلى أسباب عدة بينها أن “الحكومة السورية لا تعترف بالتفاوض مع تنظيم الدولة الإسلامية، ولتفادي استهداف التحالف الدولي بقيادة واشنطن للقافلة”.
وأكد مصدر مطلع على المفاوضات لوكالة فرانس برس “التوصل الى اتفاق قبل يومين اثر مفاوضات مع الروس والنظام”، مشيراً إلى ان المحادثات أتت “بعد خسائر كبيرة مني بها داعش”.
وأضاف “خرجوا على دفعات صغيرة ليلاً”، موضحاً أن “الجزء الأكبر توجه إلى جيب داعش في البادية لأن الأميركيين لم يوافقوا على دخولهم الجيب الواقع شرق الفرات حيث تتواجد قوات سوريا الديموقراطية”، فيما ذهبت مجموعة أصغر الى مناطق سيطرة الجهاديين المحدودة في جنوب البلاد.
وأثار توصل حزب الله اللبناني الى اتفاق مع التنظيم في آب/أغسطس الماضي، قضى بخروج عناصره من المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا باتجاه محافظة دير الزور (شرق)، انتقادات على نطاق واسع.
وهدد التحالف الدولي وقتها باستهداف الحافلة كما أعاق استكمال طريقها أياماً عدة.
ورداً على سؤال لوكالة فرانس برس، قال التحالف الاثنين إنه على علم بالتقارير حول عملية الإجلاء من جنوب دمشق، “ويراقب الوضع”، من دون إضافة أي تفاصيل.
واثر خسائر كبيرة مني بها العام الماضي، لم يعد تنظيم الدولة الإسلامية يسيطر الا على جيوب متفرقة، لا تتجاوز نسبتها خمسة في المئة من مساحة سوريا، بينها مناطق محدودة في البادية السورية وفي محافظة دير الزور وفي جنوب البلاد.
وتخوض قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية، معارك ضد التنظيم المتطرف لطرده من آخر جيب يسيطر عليه في محافظة دير الزور.