صراحة نيوز – استضاف منتدى الفكر العربي، مساء الأربعاء 6/3/2019، لقاءً بعنوان “الترجمة وحوار الثقافات – جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي”، قدمت فيه الناطق الإعلامي باسم لجنة تسيير الجائزة د. حنان الفياض أستاذة اللغة العربية في جامعة قطر، شرحاً حول هذه الجائزة العالمية وفلسفتها وأهدافها، كما قدمت عضو اللجنة الإعلامية للجائزة د. امتنان الصمادي أستاذة الأدب والنقد بجامعة قطر وعضو المنتدى، شرحاً حول آفاق الجائزة ودور الترجمة في الحوار بين الثقافة العربية وسواها من الثقافات. وأدار اللقاء وشارك في الأمين العام للمنتدى والوزير الأسبق د. محمد أبوحمور، بحضور جمهور من الأكاديميين والكُتَّاب والإعلاميين والمهتمين.
وقال د. محمد أبوحمور الذي نقل تحيات رئيس المنتدى وراعيه سمو الأمير الحسن بن طلال إلى الوفد الضيف والحضور: إن هذا اللقاء يأتي متزامناً مع توقيع مذكرة تفاهم للتعاون والتنسيق والتبادل الثقافي والعلمي بين منتدى الفكر العربي ولجنة جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي، التي اشتملت على مجموعة من البنود المتعلقة بالتعاون والتنسيق بين لجنة تسيير الجائزة والمنتدى بشأن الأنشطة والفعاليات التي تهم القضايا العربية ذات الصلة بحقل الثقافة والفكر، في إطار برنامج عمل مشترك؛ مشيداً بهذه المبادرة من دولة قطر الشقيقة، وواصفاً الجائزة بأنها فريدة ومتميزة بفكرتها ورؤيتها وإنجازاتها على صعيد الترجمة والتواصل والحوار الثقافي العربي – العالمي، مؤكداً أن استحداث جائزة الشيخ حمد يبشر بأثر جليل في حركة الثقافة العربية المعاصرة، وبإنصاف القيم الثقافية، وتقدير قيمة الأعمال المترجمة من اللغة العربية وإليها، وإعادة الحقوق للمثقفين والمبدعين، سواء في ما يقدمونه من أعمال ومؤلفات عالية في قيمتها، أو في جهود المترجمين في خدمة الثقافة العربية والإنسانية، واستعادة إمكانات مخاطبة العالم بلغة “إقرأ” كما جاء في محكم التنزيل العزيز، لغة الثقافة والعلم والمعرفة، ولغة العقل والوجدان والتفكر.
وقال د. أبوحمور أيضاً: إن الترجمة وحوار الثقافات يشكلان جزءاً مهماً من محاور أنشطة المنتدى وهناك سلسلة متخصصة في منشوراته بعنوان “المترجمات العالمية”، صدر منها عدة كتب مترجمة من تقارير اللجنة المستقلة المعنية بالقضايا الإنسانية وغيرها، إضافة إلى العديد من الأنشطة في هذا المجال، مشيراً إلى أن اللغة وعاء للفكر وللتراث والمساهمة في الحضارة العالمية، كما أن الترجمة وسيلة تواصل وإحياء للتراث الثقافي، وتعد “مأسسة” الترجمة أساس لكل حركات النهضة والانفتاح والحوار الثقافي والحضاري في التاريخ، والتي من شأنها أن تعمل على ارتقاء أطراف الحوار والتفاعل المثمر بين الثقافات، وتوجد سبيلاً للفهم والتفاهم والعمل المشترك من أجل السلم وإعلاء القيم بين الثقافات المختلفة والأديان والقوميات، وتجنيبها ما نشهده من شقاق ونزاعات مدمرة عندما استُبعدت الثقافة وأُهملت الترجمة ووسائل معرفة الآخر.
وبيّن د. أبوحمور أن الترجمة في عصرنا الحاضر تزداد أهمية وضرورة لأنها تثري اللغة العربية بالمصطلحات الجديدة، وتعمل على إحياء مصطلحات اندثرت مع توالي فترات التراجع الثقافي، إلى جانب ما تقدمه الترجمة من اطلاع على كل جديد في عالم العلم والمعرفة.
وقالت د. حنان الفياض: إن الجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي بوصفها جائزة عالمية تهدف منذ تأسيسها عام 2015 إلى خدمة اللغة العربية والحوار مع الثقافات الأخرى، وتسعى إلى إبراز دور الترجمة وتكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين أمم العالم وشعوبه، ومكافأة التميّز والإبداع، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين الثقافة العربية وسائر ثقافات العالم من خلال الترجمة والتعريب، والتشجيع عليهما وفق أسس الجودة والدقة والقيمة المعرفية والفكرية، وإغناء المكتبة العربية بأعمال مهمة من ثقافات العالم وآدابه وفنونه وعلومه، وإثراء التراث العالمي بإبداعات الثقافة العربية والإسلامية.
وأوضحت أن قيمة الجائزة تبلغ مليوني دولار أميركي، موزعة على ثلاث فئات، هي: جوائز ترجمة الكتب المفردة (جائزتان للترجمة من العربية إلى الإنكليزية، وجائزتان للترجمة من العربية إلى إحدى اللغات الأجنبية)، وجائزة الإنجاز في لغتين رئيسيتين، وجوائز الإنجاز لمجموعة أعمال مترجمة من لغات مختارة إلى اللغة العربية، وفي كل عام يتم اختيار لغة أجنبية للترجمة منها، وسبق اختيار التركية، والإسبانية، والفرنسية، واللغة المختارة للعام الحالي هي الروسية. ويدير الجائزة مجلس أمناء يتألف من خمسة إلى عشرة أعضاء من جنسيات متعددة لمدة سنتين قابلة للتجديد، إلى جانب لجان التحكيم، ولجنة التسيير التي تتولى مهام الإشراف على أعمال الجائزة.
ومن جهتها أكدت د. امتنان الصمادي أن الجائزة أصبحت معياراً للترجمة النوعية من خلال محافظتها على روح العمل الأصلي والعناية بقيمة هذا العمل في لغته الأصلية مقابل قيمته في اللغة المترجم إليها، سواء أكانت اللغة العربية أم الترجمة من العربية إلى غيرها من اللغات، واعتماد معايير واضحة تعيد للترجمة دورها في تحقيق التفاعل بين الثقافات؛ مشيرة إلى أهمية الجائزة ودلالاتها في قضايا التثاقف والانفتاح على اللغات الأخرى بصورة مباشرة، وخدمة قضايا الإنسان في عالم تتنازعه الانقسامات، كما نشهد اليوم، مما يجعل الترجمة جسراً للتفاهم بين الشعوب، ووسيلة لتلاقح الثقافات، وتغدو رسالة المترجم في أزمنة الصراعات أعظم أهمية، وكذلك تصبح الترجمة لغة مشتركة لإزالة سوء الفهم والحدود الوهمية للعزلة والانكفاء على الذات.
والجدير بالذكر أن الفائزين بهذه الجائزة خلال الأعوام السابقة هم من جنسيات عربية مختلفة، كما أن هناك عدداً من المترجمين الأجانب وبعضهم من المستشرقين والمستعربين فازوا ضمن إحدى فئات الجائزة خلال الأعوام الماضية.
وتؤكد رسالة الجائزة أهمية دور الترجمة كنافذة للثقافة العربية على العالم، عبر تاريخ ممتد من بيت الحكمة في بغداد في العصر العباسي وحتى مدرسة الألسن في القاهرة في مطلع النهضة الفكرية العربية الحديثة في القرن التاسع عشر، وما أسهم به المترجمون العرب والمسلمون في التراث العالمي من ترجمات شملت ميادين شتى من حكمة الهند وتراث فارس شرقاً، إلى فلسفة اليونان غرباً، وما اتسمت به مسيرة الترجمة من تشجيع للمترجمين واحتفاء بهم وبدورهم المعرفي المهم.
وتم خلال اللقاء عرض فيلمين قصيرين حول الجائزة وأعمالها والفائزين بها، وجرى نقاش موسع حول مختلف المحاور التي طُرحت من قبل المتحدثين.