صراحة نيوز – بقلم فلحة بريزات
فيما ينشغل الفضاء الوطني بحجم الانتكاسات الكبيرة، وعملية الافقار الممنهجة أطل علينا رئيس الحكومة بتصريح خالي الدسم مفاده: إن النقابات المهنية تستطيع أن تتنفس أكسجين الديمقراطية، وعليها أن تضع رجليها مسرعة في ركاب انتخاب مجالسها وقبل فوات الأوان.
وللإنصاف فإن العنوان لا ظُلْمَة فيه ولا تأتأة، لأن الظلم واقع في التفاصيل، حين رمى الرئيس الكرة في حضن البيت النقابي وحال لسانه يقول: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ.
وبالرغم من ضبابية الصورة، التقطت النقابات اللحظة رغم غيابها عن المشهد الوطني تاركة مسار أعضائها رهينة بين ذراعي سلطة الحاضر، مع اليقين بقدرتها- لو أرادت – أن تكون قوة ضاغطة تفرض حق منتسبيها أسوة بانتخابات برلمان 2020 التي أنُجزت في ظل قانون دفاع يُفترض أن عدالة تطبيقه تغطي الجميع.
إذا هل من تحالف غير نزيه مع السلطة للإبقاء على الراهن المريح لها كما تتحدث اوساط مراقبة.؟! سؤال بانتظار أجابة من الحكومة والنقابات .
ومع ذلك، وحين بدأت البحث في المسار الإجرائي ألفت نفسها ( أي النقابات) حبسية بروتكول صحي مقيد مقرون بثغرات قانونية – نأت الحكومة بذكاء متكبر عن معالجتها بالرغم من أن مجلس النقباء عَرض كما رشح على السطح جملة من المقترحات كانت كفيلة بشرعنة العملية الانتخابية، وضمان شرعية مخرجاتها .
ولأن الصاعق الديمقراطي متصل يباغتنا أيضا رئيس منظومة التحديث بأفكار خلاقة لالتفاف على حق المجتمع فيقول : بأن مستقبل الإصلاح -المتعثر أصلا بعناية سياسة النخبة والأحزاب- بحاجة إلى عقدين من الزمن لإحداث اختراق نوعي في مسيرة ديمقراطية يفترض أنها حققت نتائج معقولة في المئوية الأولى ما يؤهلها للمنافسة على مرحلة متقدمة في المئوية الثانية .
وبالضرورة ،فإن المقدمات تبشر بالنتائج، فحين توضع استحقاقات وطنية على حافة الهاوية.
هي إشارات صريحة لغض الطرف عن سيرورة التاريخ وحركة المجتمع، ومتطلبات الإصلاح: فالأول وجد في فيروس كوفيد19 متنفسا له، والآخر ألبس المجتمع ثوباً غير مكتمل الخياطة؛ فكانت النتيجة وصلة إصلاحية على طريقة (تع لا تيجي) خاصة في ظل مجلس تسيطر على غالبية مكوناته ثنائية المصالح والأوهام وغياب المنطق.
ليس من العدل إنكار حق الأردنيين بأن يستظلوا بديمقراطية ناجزة لا تطلبها أفواه السياسيين، وأن يلمسوا في مئوية دولتهم الثانية إزاحة حقيقية لا تحتاج سنوات من عمرهم كي تسجل علامات فارقة في حياتهم السياسية والاقتصادية.
وأخيرا وفي ظل تعمية في أصول المسار الديمقراطي، فإنه لا مصلحة استراتيجية لأي نظام سياسي مهما كانت صيغة عقده الاجتماعي مع الشعب أن تبقى منظومة الإصلاح الشامل تسعى بين “صفا” اللجان و”مروة” الحكومات، حينها سيكون كل ما يصاغ خيارا غير مأمون العواقب؛
“فللمنتصر ذاكرة حاضرة، وللمنكسر ذاكرة لا تحفظ للمهزوم تجليات هزيمته، ولا تمجّد خزيه”. هذا اقتباس من مقالة للكاتب السوداني (جمال محمد إبراهيم ) فيها بعض الإسقاطات على واقعنا.