تواجه العديد من وزارات الدولة ومؤسساتها أزمات كثيرة قد تعصف بها، وأولى تلك الأزمات أزمة السلوك المتعلقة في الضعف بالجوانب الاجتماعية والإيمانية والأخلاقية لدى بعض منسوبيها.
أما الأزمة الثانية فهي أزمة التخلف، والتي تشير إلى تخلف تلك المؤسسات عن التنافسية نتيجة اتباعها طرقا إدارية عقيمة ومتخلفة، أما الأزمة الثالثة فهي تتعلق في ضعف الإنتاج على مستوى الفرد والمؤسسة، حيث أشارت إحصائيات عالمية إن الإنتاجية لدى موظفي القطاع العام في العالم العربي لا يتعدى ربع ساعة في اليوم، مما يتطلب من مؤسسات الدولة إعادة النظر ببرامجها، والعمل على التدريب المستمر للموظفين؛ لتطوير قدراتهم ورفع كفاءتهم وتمكينهم لتحسين مستوى أدائهم.
وبالرغم من أهمية الجهود التي يبذلها كثير من المسؤولين لمواجهة تلك الأزمات والتغلب عليها، إلا أن تلك الأزمات تُعد انعكاسا لأزمتين أعمق وأكبر هما:
أزمة الفكر، وأزمة القيادة: وتعد هاتين الأزمتين مرتبطتين ببعضهما البعض، أخبر الله تعالى أن في الأعراب كفارا ومنافقين ومؤمنين وأن كفرهم ونفاقهم أعظم من غيرهم وأشد وأجدر أي أحرى أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله كما قال الأعمش عن إبراهيم قال: جلس أعرابي إلى زيد بن صوحان وهو يحدث أصحابه وكانت يده قد أصيبت يوم “نهاوند” فقال الأعرابي والله إن حديثك ليعجبني وإن يدك لتريبني فقال زيد ما يريبك من يدي إنها الشمال؟ فقال الأعرابي والله ما أدري اليمين يقطعون أو الشمال فقال زيد بن صوحان صدق الله ” الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا يعلمـوا حدود ما أنزل الله على رسوله “.فأينما وجدت أزمة الفكر وجدت أزمة القيادة، وأينما وجد الفكر والقيادة كان بإمكاننا الوصول إلى الإنتاجية والتنافسية العالمية، فوجود الفكر لا يكفي إلا بوجود القيادة الفاعلة التي تترجم ذلك الفكر إلى إنتاجية وتنافسية وتشاركية مع مؤسسات المجتمع المدني، إن وجود قيادة حكيمة في أي مؤسسة هي التي تفعل الفكر، وإذا لم تجد قادة قادرين على تطبيق الفكر يبقى الفكر بين طيات الكتب، فالقادة هم من يحولون الفكر إلى تطبيق عملي.
إن نشر رياح التغيير المبني على الفكر السليم للارتقاء بمؤسسات الوطن للوصول إلى التنافسية العالمية حسب متطلبات الجودة والاعتماد المؤسسي مطلب مهم، إلا أن تلك الرياح قد تواجه تيارًا مضادٍا لها، لأن ذلك التيار قد تتضرر مصالحه الشخصية، ومكتسباته المادية الذي يجنيها من سياسات سابقة أسهمت في هدم كيان وبنيان تلك المؤسسة.
إن ما نشاهده اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي من هجمات على بعض المسؤولين نتيجة لبعض الإجراءات التي اتخذوها للارتقاء بالعمل المؤسسي، فتلك الهجمات التي يقوم بها البعض لا تحمل فكرًا ولا منهجًا ولا قدرة على الكتابة السليمة، فنشاهد كل منشور لهم مليء بالأخطاء اللغوية والنحوية وخال من البرامج التطويرية والنَّقْد البَنَّاء، لأن هدفهم مبني على الاسترخاء العقلي والإداري، ولا يريدون بذل لتطويرية لإنجاز العمل المنوط بهم، فهؤلاء ما زالوا يعيشون في زمن التيه الذي يقاومون به كل تغيير إيجابي، ويعتبرون كل مسؤول يأتي بفكر جديد، وبرامج ابتكارية عدوًا لهم نتيجة عدم قدرتهم على مواكبة التطوير في البرامج وتحقيق التنمية الشاملة، فتصبح عملية اغتيال الشخصية هدفًا لهم.
إننا اليوم بحاجة إلى مسؤولين قادرين على صنع مجد الوطن بكل إيمان وإخلاص، وتقديم برامج إبداعية لشباب الوطن تواكب الرؤى الملكية السامية، فمن يصنع مجد الوطن يصنع عز شبابه، ومن يصنع عز الشباب فقد أخلص بعمله، لأن الشباب هم عز الوطن وفخره، وقوته ومنعته.