صراحة نيوز – صدر عن مجلس إدارة مؤسسة القدس الدولية البيان التالي
في ظل المنعطف التاريخي الذي تمر به القضية الفلسطينية وقضية القدس بعد قرار الإدارة الأمريكية بالاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الإسرائيلي، وانسجامًا مع المسؤولية الأخلاقية والتاريخية تجاه القدس قضية الأمة، تداعى مجلس إدارة مؤسسة القدس الدولية إلى اجتماع استثنائي من عدد من الدول العربية والإسلامية في العاصمة اللبنانية بيروت التي نقدر لشعبها وقياداتها وهيئاتها ومرجعياتها الإسلامية والمسيحية الموقف المتقدم والمشرف تجاه قضية القدس.
وعقد الاجتماع برئاسة رئيس مجلس الإدارة سعادة الشيخ حميد بن عبد الله الأحمر، ومشاركة نائب رئيس مجلس الأمناء معالي الأستاذ بشارة مرهج، ونائب رئيس مجلس الإدارة الأستاذ حسن حدرج، وأعضاء مجلس الإدارة: الأباتي الدكتور أنطوان ضو، الدكتور محمد أكرم العدلوني، الأستاذ معن بشور، الأستاذ منير سعيد، الدكتور موسى أبو مرزوق، الأستاذ ياسين حمود.
واعتبر المجتمعون أن قرار ترمب باغتيال هوية القدس من خلال الاعتراف بالمدينة عاصمة للاحتلال الصهيوني، باطل بكل المعايير القانونية والشرعية، وأن الولايات المتحدة أكدت بهذا القرار أنها وسيط غير نزيه وشريك مباشر بالعدوان والاستعمار مع الاحتلال الإسرائيلي.
وبناء عليه وبعد الوقوف على واقع القدس والتداعيات الخطيرة للقرار الأمريكي والحراك الشعبي العربي والإسلامي والعالمي المناهض له، أصدر مجلس إدارة مؤسسة القدس الدولية البيان الآتي:
أولًا: إن القدس عاصمة فلسطين وتشكل بمقدساتها الإسلامية والمسيحية حقًا أصيلًا له جذوره التاريخية والدينية والقانونية والإنسانية، ولا يمكن لأي دولة أو هيئة أو شخصية في العالم أن تنتقص من هذا الحق، وكل القرارات التي تعارض الحق العربي والإسلامي والمسيحي في المدينة هي قرارات عدوانية تتشارك مع الاحتلال الإسرائيلي في الاحتلال والاستعمار وتتعارض مع الحق والتاريخ والقانون والإجماع الدولي.
ثانيًا: إن الأمة العربية والإسلامية مطالبة بتوحيد صفوفها وتجاوز خلافاتها للوقوف أمام خطر شرعنة الاحتلال في مدينة القدس، وندعو إلى استكمال مسيرة المصالحة الفلسطينية، على أن يتبع ذلك مصالحة عربية وإسلامية في دولنا، لأن القدس تستمد قوتها من قوة إخوانها وأشقائها.
ثالثًا: نؤكد أن القدس واحدة لا تتجزأ ولا تقبل التقاسم أو الشراكة بين الحق والباطل، وأن الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمسيحيين هم أصحاب الأرض وأبناؤها الذين سكنوها قبل آلاف السنين، ولا يمكن القبول بالتفريط بالقدس أو التنازل عنها أو الاستسلام لقرار ترمب العدائي العنصري، وعلينا مواجهته بالطرق والوسائل كافة.
رابعًا: نثمن موقف أهلنا الصامدين المنتفضين في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، الذين شكلوا صمام أمان للقضية، وندعوهم إلى مواصلة حراكهم الثائر والمنتفض، واستخدام أنواع المقاومة والنضال كافة والاشتباك مع الاحتلال الاسرائيلي في المدن والقرى الفلسطينية لإسقاط القرار الأمريكي الإسرائيلي ورفضه.
خامسًا: نحيّي موقف شعبنا الفلسطيني في المنافي والمهاجر واللجوء الذي انتفض في كافة الساحات والميادين وأمام السفارات الأمريكية رفضًا للقرار الأمريكي، في صورة تكامل ووحدة مع أهلنا في الداخل والجماهير العربية والإسلامية وأحرار العالم.
سادسًا: نحيّي الحراك الشعبي العربي والإسلامي والعالمي الداعم لقضية القدس وفلسطين، فلقد قالت الجماهير المنتفضة كلمتها، وسجلت موقفًا مشرفًا سيحفظه لها التاريخ والأجيال القادمة، وندعو إلى استمرار الحراك الشعبي في الميادين والعواصم العربية والعالمية كافة لمؤازرة القدس والدفاع عن قضيتها العدالة، وتطوير الحراك الشعبي والانتقال من دائرة الانفعال إلى دائرة الفعل والتأثير، وتحويل هذا الحراك إلى انتفاضة مستدامة ترفض وتتصدى للصفقات المشبوهة وكل أشكال التطبيع والتفريط بالثوابت والمقدسات، ويلتحم مع نبض الشارع في القدس وكل فلسطين من خلال الإسناد الشامل لمقاومة الشعب الفلسطيني ونضاله، وتفعيل سلاح المقاطعة الاقتصادية للاحتلال وداعميه.
سابعًا: إن الجهود الشعبية المشرفة تستدعي منا تشكيل حصانة شعبية تتوافق وتطلعات شعوب الأمة وقيمها وثوابتها، ومن هنا ستعكف مؤسسة القدس الدولية على إطلاق مبادرات لاستراتيجية شعبية شاملة لنصرة القدس وفلسطين، تشارك فيها القوى السياسية والهيئات العلمائية والنقابية والشبابية والطلابية والنسائية ضمن مشروع الدفاع عن قضية القدس العادلة، ومن أجل صدّ هجمة التطبيع التي يحاول الاحتلال من خلالها التسلل إلى عمق النسيج الاجتماعي والسياسي لشعوبنا.
ثامنًا: ندعو الدول العربية والإسلامية إلى رفع سقف موقفها السياسي والاتفاق على استراتيجية جادة لنصرة القدس وفلسطين، وأن تعبر قراراتهم عن تطلعات شعوبهم الحرة التي ظهرت ككيان واحد وموحد حول القدس، ونحيي المواقف الشجاعة لكل الدول والقوى والهيئات والشخصيات العربية والإسلامية والمسيحية وأحرار العالم الذين أعادوا قضية القدس إلى مكانها الطبيعي كقضية مركزية جامعة، وندعوهم إلى ترجمة مواقفهم إلى أفعال ميدانية رادعة تفشل القرار الأمريكي وتفرغه من مضمونه السياسي الميداني. وفي هذا السياق نعلن رفضنا القاطع اختزال القدس بالشطر الشرقي من المدينة، ومن يريد أن يعترف بالقدس عاصمة لفلسطين فهذا أمر مرحب به شرط الاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة لكل فلسطين، كما نؤكد رفضنا لما يسمى صفقة القرن الذي يجري الحديث عنه والذي هو استمرار لمشاريع تستهدف تصفية القضية الفلسطينية.
تاسعًا: نحيّي وسائل الإعلام العربية والعالمية التي تضامنت مع قضية القدس وقدمت أنموذجًا في الوقوف إلى جانب الحق ودعمه واسناده، ونعتبر ذلك جزءًا أساسيًا في المهنية الإعلامية التي هدفها الحقيقة، ودورها رفض الظلم والاستعمار، وندعو الإعلاميين من الجنسيات كافة إلى استمرار دعم القضية الفلسطينية بأقلامهم وعدساتهم ومنشوراتهم.
عاشرًا: تستنفر المؤسسة فروعها المنتشرة في عدد من العواصم، كذلك مجلس أمنائها ومجلس إدارتها اللذيْن ينضوي فيهما مختلف أطياف ومشارب الأمة للقيام بواجباتهم تجاه قضية القدس والتعبير عن نبض الأمة الثائر في الميادين والساحات، وإسناده سياسيًا وإعلاميًا وقانونيًا وثقافيًا والعمل على فضح الانحياز الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي من خلال المنابر الإعلامية والسياسية والقانونية. وقد أطلقت المؤسسة حملات دعم مادية وإعلامية وتعبوية للقدس وكثفت من تواصلها مع الهيئات والجهات الرسمية وغير الرسمية لحشد الجهود وتنسيقها في إطار مواجهة القرار الأمريكي، وستستمر المؤسسة في أداء دورها بفاعلية في هذه المرحلة الفارقة التي تمر فيها القدس، وبناءً عليه قرر مجلس إدارة مؤسسة القدس الدولية الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي بعنوان: ” ملتقى القدس الدولي الثاني” مطلع العام 2018، ويضم شخصيات وجهات وهيئات عربية وعالمية ، تتضافر فيه الجهود لنصرة قضية القدس.
ختامًا، نحن على يقين بأن حقنا في القدس لا يتغير، ولا يُزوّر، وان حصون الهوية العربية والإسلامية التي تستهدف بالقدس لطالما أثبتت مناعتها وقدرتها على قلب المعادلات، ونحن على ثقة بشعوب أمتنا وأحرار العالم، ونثق ببسالة أهلنا في فلسطين عمومًا والقدس خصوصًا، ونؤمن بأن الباطل لا يدوم مهما طال أمده، وأنّ فجر تحرير القدس آتٍ لا محالة.