صراحة نيوز – سرد الأستاذ الدكتور صلحي الشحاتيت رئيس جامعة العقبة للتكنولوجيا مسيرته الحياتية والعملية في منشور له بعنوان ( حلم…فجهد…فتوفيق من الله عز وجل) والتي بدأت منذ عام ١٩٩٨ حين غادر الاردن لأول مرة للالتحاق بجامعة نيوساوث ويلز الأسترالية للحصول على الدكتوراه في الكيمياء بمنحة من الحكومة الأسترالية.
وتاليا ما كتبه
الحياة التي نعيشها مليئة بالمواقف المتباينة؛ فمنها المُفرح، ومنها الحزين، وبعضها يزدان بالتفاؤل، وبعضها يتخلله بعض اليأس. وإنّ تنوع المواقف والتبين في التجارب يجعلها ثرية ويخلق منا أشخاصًا متفردين ويجعلنا على قدر أهل العزم.
عشرون عاما مضين منذ غادرت الأردن لأول مرة للالتحاق بجامعة نيوساوث ويلز الأسترالية للحصول على الدكتوراه في الكيمياء العضوية الفيزيائية بمنحة من الحكومة الأسترالية (الحلم اللذي عشته منذ كنت طالبا بجامعة اليرموك إقتداء بأساتذة كرام نهلت من علمهم وحسن تعاملهم الشيئ الكثير).
لقد كانت تجربة صعبة، وقاسية، ومقلقة نفسيًا، وجميلة بنهايتها، زخرت بالكثير من الذكريات: بعضها جميل بجمال الطبيعة هناك وبعضها مؤلم ومر كمرارة البعد عن الوطن والأهل والأحبة. هذه التجربة استمرت مدة أربع سنوات للحصول على الدكتوراه من جامعة تصنف عالميا بالمرتبة 45.
وبعد تخرجي والحمدلله، التحقت بالعمل في الجامعة نفسها ولمدة عام كباحث (أبحاث ما بعد الدكتوراه) لأشرع بعدها في تجربة جديدة ومثيرة مرة أخرى وهي العمل في جامعة سنغافورة الوطنية كباحث مستقل بمعهد أبحاث العلوم الكيميائية والهندسية لمدة سنتين تخللها العديد من الأوقات للعمل في جامعات أمريكية وأوروبية متقدمة كان أبرزها فترة عملي في جامعة جنوب فلوريدا التي أكسبتني الكثير من المعرفة والخبرة لمرحلة ما بعد الدكتوراه. من سنغافورة وأمريكا وأوروبا انتقلت إلى المملكة العربية السعودية لابتدئ العمل الأكاديمي الرسمي في جامعة طيبة كأستاذ مساعد, أستمر عملي فيها سنتين!!
عشر سنوات مضين منذ أن غادرت جامعة مؤتة كمساعد تدريس في العام 1998 وما زال وقتها الحلم يراودني أن أعود للأردن الحبيب بشكل عام ولمؤتة (مصنع الرجال) بشكل خاص، مؤتة (كرك العز والرجال) التي استقبلتني شابا يافعا في سن الرابعة والعشرين يحمل درجة الماجستير لأباشر فيها حياتي العملية ولفترة امتدت لثلاث سنوات اكتسبت خلالها الكثير من الأحبة والعزوة والأصدقاء.
غبت عنها 10 سنوات لأعود لها بتاريخ 2007/9/9 كمحاضر متفرغ في قسم الكيمياء، ولأتسلسل بعدها بالرتب الأكاديمية والإدارية إلى أن حصلت على رتبة الأستاذية بتاريخ 2017/9/9, سنوات عشر بالكمال والتمام عملتها بمؤتة للحصول على ما حلمت به منذ أن كنت طالبًا بالسنة الأولى بجامعة اليرموك.
وآخر محطاتي في العشرين سنة الماضية ابتدأت ولا زالت مستمرة…تشرفت في بداية العام الدراسي 2017/2016 بالانضمام إلى جامعة فتية واعدة ورائعة، جامعة العقبة للتكنولوجيا، حيث التحقت بها لقضاء إجازة التفرغ العلمي الممنوحة لي من جامعتي الأم، مؤتة. تشرفت بعد ذلك بفترة قصيرة بثقة مجلس أمناء الجامعة بتعييني عميدًا للبحث العلمي في الجامعة، وبعدها بخمسة أشهر تم تكليفي قائمًا بأعمال رئيس الجامعة خلال الفترة التي امتدت من 19/2/2017 ولغاية 2017/10/26 حين صدر قرار مجلس التعليم العالي الذي شرفني بتعييني رئيسًا للجامعة التي أعطتني ومنحتني الكثير من الحب والتقدير . ثقة غالية وفريدة منحت لي من قبل هيئة مديري الجامعة ومجلس أمنائها الموقرين.
قصة أحداثها ابتدأت منذ عشرين عامًا ولا زالت مستمرة اختصرتها بخاطرة صغيرة مر طيفها في مخيلتي يوم الخميس الماضي في لقاء جمعني مع طالبات المرحلة الثانوية بمدرسة العقبة الشاملة الثانوية للبنات.
قصة طويلة مليئة بذكريات وتجارب بعضها سعيد وبعضها مؤلم، اتسم بعضها بعدم النجاح، وكان من الممكن أن تؤثر سلبا على مسيرتي العلمية، والعملية، والشخصية، ولكن جميع تلك الذكريات والتجارب أكسبتني الكثير من الخبرات والمهارات، والأهم من ذلك أنها علمتني أنه لا حدود للطموح ولا شيء يصادر الأمل، والمهم هو التصميم، والإرادة، والإجتهاد، وكل ذلك مصحوب بالتوكل على الله.
الأستاذ الدكتور صلحي الشحاتيت
رئيس جامعة العقبة للتكنولوجيا