صراحة نيوز – بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران
لعل من الأمور التي نتعامل معها بشكل مستمر في حياتنا ولا تجد إهتماماً كبيراً من طرفنا في كثير من الأحيان عند إنهاء مكالمتنا مع كثير من الجهات بجملة “معك التقييم”، ليتم تحويلنا إلى بضعة أسئلة تساعد في تقييم الخدمة التي تم تقديمها وأداء الموظف الذي تعامل معنا، وبصرف النظر عن تعامل هذه الجهات مع الأمر بجدية أو إهمالها له إلا أن إنتشاره بيننا هو أمر جيد بحد ذاته، خاصة وأن كثير من الجهات العالمية لقياس الجودة تعتمده عاملاً رئيسياً في نتيجتها النهائية ومتطلباً أساسياً للتطوير وتحسين الأداء، وهو ما يجعلنا نتوقف كثيراً عند هذه الجملة ومدى أهمية تعزيز مثل هذه المبادئ في حياتنا، نظراً لايماننا منذ وقت طويل بأهمية التقييم في حياتنا بداية من تقييمنا لأنفسنا ومراجعة تصرفاتنا باستمرار، وإنتهاء بالحرص على التقييم المستمر لكل أمور حياتنا ومعاملاتنا، والمتمعن في مسيرة كثير من الأمم المتقدمة يجد أنها وجدت طريق التميز والنجاح عندما أعطت مثل هذا الأمر الأهمية القصوى، بل وجعلت منه عاملاً أساسياً في تقييم أداء المؤسسات والموظفين لديها ودليل رئيسي على إصابة طريقة النجاح أو التوهان عنه، مما ساعدها على إمكانية النظر للأمام دائماً من خلال إعتماد مراجعة “الدروس المستفادة” أو “التغذية الراجعة” في كافة تجاربها باستمرار.
ولنا أن نتخيل كيف سيكون حالنا لو إعتمدنا مثل هذه المبدأ في أنفسنا وبيوتنا ومجتمعاتنا، وأعطيناه الأهمية اللازمة من الأطراف كافة سواء من الجهات الإدارية التي تعتمده عاملاً رئيسياً في تطوير عمل مؤسساتها أو الموظفين العاملين في هذه المؤسسات، أو حتى من الجمهور الذي يعطي تقييمه ورأيه في الخدمة المقدمة إليه، وكيف سيصبح عاملاً أساسياً في تطوير مجتمعاتنا والتقدم بها نحو مصاف الأمم المتقدمة في المجالات كافة، ذلك لأننا سنجد عندها حرص كل إنسان على تقويم نفسه ومعرفة مكامن الخلل والضعف فيها للعمل على تحسينها ومعالجتها، ومعرفة نقاط القوة والتميز لديه للتركيز عليها والعمل على تطويرها بشكل مستمر، تماماً كما سنرى حرص الموظف على تحسين أدائه والابداع فيه باستمرار للحصول على رضا متلقي الخدمة، وبصورة مماثلة حرص الادارات على إرضاء موظفيها وتقديم كل التسهيلات الممكنة لهم لتقديم أجمل وأفضل خدمة من خلالهم وهو ما سينعكس على تقدم المجتمع بأكمله في النهاية لا محالة، وفي النهاية نستغرب ممن لا يستخدم مثل هذا المبدأ ولا في أبسط صوره في حياته فينتهي به يومه دون أن يجلس مع نفسه ولو لدقائق معدودة يحولها فيها إلى “معك التقييم”، ليراجعها ويقيم من خلالها كلماته وتصرفاته خلال ذلك اليوم قبل أن يخلد للنوم، ليعرف أين أصاب وأين كان أبعد ما يكون عن الصواب، لعله يبقى قادراً على تطوير نفسه والتقدم بها نحو تحقيق أهدافه بنجاح وتميز باستمرار دون أن يعرض نفسه لخسارات فادحة كان بامكانه تجنبها والاستغناء عنها بكل بساطة.