صراحة نيوز – بقلم أسعد العزوني
واصلوا الطرق على الخزان ..عبارة قالها الشهيد الفلسطيني الأديب غسان كنفاني في روايته “رجال تحت الشمس”،التي تحدثت عن رحلة بعض الفلسطينيين إلى الكويت عبر الصحراء في صهاريج المياه الفارغة في عز الصيف في خمسينيات وستينات القرن المنصرم.
واليوم تجسد المناضلة رزان زعيتر التي تسير على خطاه هذه المقولة ،وتحصد النصر تلو النصر في المحافل الدولية، التي كانت إلى حد بعيد حكرا على العدو الصهيوني ، بسبب إنعدام الرغبة الرسمية العربية في المواجهة مع هذا الكيان المسخ الذي تمدد فينا كالسرطان برغبتنا .
ولأن دوام الحال من المحال فقد شهدنا مؤخرا تضافرا مميزا في الجهود العربية الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني العربية والعالمية ،نجم عنه إلغاء مؤتمر توغو الآفرو-لإسرائيلي .
تبهرنا السيدة رزان وهي تصر على مواصلة قرع الخزان ،وفرحتنا كبيرة لأنها نسجت غزلا متينا يعينها على التحرك في الساحات الدولية ،من خلال منظمتها غير الربحية “العربية لحماية الطبيعة”ومقرها الأردن وتعمل من أجل إزدهار الأردن بتخضيره وإزدهار فلسطين بمقارعة الإحتلال الصهيوني ، من خلال شعارها “تقلعون شجرة نزرع عشرا” ،وقد زرعت حتى اليوم زهاء 2.5مليون شجرة في فلسطين على وجه الخصوص،وثبتت بصمتها في الأردن إنطلاقا من إيمانها أنها تعمل في الجانب الغربي من الأردن.
تبذل السيدة زعيتر جهودها المضنية وتواصل الطرق على الخزان ليس من أجل الوصول إلى الكويت والعثور على فرصة عمل هناك ،بل سعت جاهدة وحققت أملها بتحقيق إختراق دولي عجزت عنه الدول العربية ذات الجيوش ووزارات الخارجية والسفارات ،وأصبحت جزءا رئيسيا من التحالف العالمي الذي يقارع الإمبريالية في كل مكان ،ووضعت نصب أعينها ليس الهدف الفلسطيني فحسب وهو اولوية بطبيعة الحال ،بل تعمل أيضا لتحقيق هدف عربي مكنها من طرح قضية الغذاء على طاولة الأقوياء الأغنياء الذين يتحكمون بالصادرات ويرمون كميات كبيرة من منتجاتهم في البحار حتى لا ينخفض السعر ويجد فقراء العالم شيئا يأكلونه.
بالأمس سطرت السيدة زعيتر وزوجها اللبناني المناضل حسن الجعجع ، ملاحم الصمود والتصدي الحقيقيين في الساحة الإفريقية التي كادت ان تكون نهبا للعدوالصهيوني ،الذي يتحرك في إفريقيا كيف يشاء وأين يشاء ونحن في سبات عميق لاهون في خلافاتنا ،وقد حققا مع الشبكات الدولية الحليفة ،والعديد من الحكومات العربية نصرا مؤزرا تمثل في إفشال عقد المؤتمر الآفرو-إسرائيلي في توغو في الثالث والعشرين من الشهر المقبل لتكريس الهيمنة الإسرائيلية على القارة السوداء أو السمراء البكر لا فرق.
كان هذا المؤتمر يهدف لنيل الشرعية الإسرائيلية في إفريقيا، وعقد تحالف إستراتيجي مع مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية وتطبيع العلاقات بالكامل، والإتفاق على قيام الدول الإفريقية بالتصويت لصالح إسرائيل في الأمم المتحدة ووعدتهم بمنحهم مليار دولار في السنوات الأربع المقبلة من أجل النهوض بالقطاع الزراعي، وشاركت في الجهود المبذولة لإفشال مؤتمر توغو كل من الجامعة العربية ولبنان الذي طلب من كافة بعثاته الدبلوماسية في إفريقيا مقاطعة مؤتمر توغو، كما شارك في المؤتمر الجزائر والمغرب والسلطة الفلسطينية التي تستجيب لمثل هذه المطالب للمرة الأولى ،إضافة إلى المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج الذي ثبّت بصمته في الشتات دفاعا عن الحق الفلسطيني،ومؤسسات مجتمع مدني عربية ودولية .
تقول السيدة زعيتر أنها نسقت مع المركز الآفرو-شرق أوسطي في جوهاسبيرغ ،للدعوة لتحرك جدي يفشل عقد مؤتمر توغو،وقد إستجاب لها المسؤولون في هذا المركز النشط وجمعوا الدبلوماسيين الأفارقة والمسؤولين الحكوميين وممثلين عن المجتمع المدني إفريقيا،في مؤتمر فعّال يوم الثلاثين من الشهر الماضي في العاصمة بريتوريا،تحدث فيه ناشطون وأكاديميون دوليون نادوا جميعا بإعادة إتجاه البوصلة الإفريقية بإتجاه فلسطين.
وفي كلمتها أكدت السيدة رزان على سبب رفض الفلسطينيين لمؤتمر توغو ،كاشفة الخبث الإسرائيلي ممثلا بإدعاء إسرائيل بدعم إفريقيا بمبلغ إجمالي قدره مليار دولار للسنوات الأربع المقبلة لدعم القطاع الزراعي ، وهي التي تقتل الزراعة في فلسطين،وتعهدها بتوفير مياه الشرب لهم وهي التي تصادر المياه الفلسطينية وتقوم بتعطيش المواطن الفلسطيني،كما أنها تعهدت بإزدهار إفريقيا وهي التي تنكل بالفلسطينيين وتهدم بيوتهم وتصادرها ،وتعامل يهود الفلاشا كيهود من الدرجة الثالثة ،كما انها تعامل الأفارقة الذين يلجأون إليها بقسوة وتطالبهم بالرحيل عنها، وطالبت الحكومات والشعوب الإريقية بالعمل للسيادة على مواردهم وخاصة الغذائية بدلا من البحث عن الحلول من كيانات غاصبة كإسرائيل ،فيما تحدث السيد حسن الجعجع عن جرائم إسرائيل في لبنان بدءا من العام 1969،حتى يومنا هذا ،معيدا إلى الأهان رفض السلطات الإسرائيلية للدم الذي تبرع به يهود الفلاشا الإثيوبيين وإلقائه في القمامة.
وقال النائب السابق في جنوب إفرقيا السيد سيسا نجيكيلانا كيف للإارقة أن يثقوا بإسرائيل وهي تمارس كل هذا الإجرام مع جيرانها.
تخطط مستدمرة إسرائيل كما أسلفنا للسيطرة والهيمنة الكاملة على إفريقيا لكسب أصوات الدولية الإفريقية في الأمم المتحدة ومنظماتها الفرعية، لتلافي الخلل الذي صدمها في مواقف اليونسكو على سبيل المثال بخصوص الأقصى والخليل ،كما انها تريد إفريقيا ان تكون سوق سلاح رئيسية لها ،وتقايض الأفارقة بالألماس مقابل السلاح الذي يؤجج الحروب الأهلية في إفريقيا،وتم الإتفاق مع الأفارقة على ضرورة التنسيق العربي -الفلسطيني –الإفريقي لوقف التغلغل الصهيوني في إفريقيا.
بقي القول أن علينا كعرب مواصلة التنسيق العربي-العربي اولا ،ونسج علاقات قوية مع منظمات المجتمع المدني العالمية خاصة وأن هناك المئات منها يقفون مع الحقوق العربية وفي مقدمتها حقوق الشعب الفلسطيني ،ويناهضون مستدمرة إسرائيل الخزرية الإرهابية ويقفون في وجهها في المحافل الدولية لتحقيق أهدافنا المرجوة ،ولنا في إلغاء مؤتمر توغو أكبر مثال.