صراحة نيوز – بقلم حسين الرواشدة
رسالة الرفض والاعتراض التي وجهتها وزارة الخارجية الأردنية للسفير الهولندي في عمان، احتجاجا على تدخله بالشأن الأردني، تفتح الباب أمام أسئلة يرددها الأردنيون، حول مدى انضباط السفراء العرب والأجانب، المقيمين بالأردن، بالبروتوكولات الدبلوماسية، واحترامهم للأعراف السياسية التي تمنعهم من تجاوز مهماتهم أولا، ومرجعيتهم المتمثلة بوزارة الخارجية ثانيا، ثم حدود تصريحاتهم وتحركاتهم، وتدخلاتهم بالشؤون الاردنية المحلية.
لا يوجد لدي أية إجابات واضحة عن هذه الاسئلة، ما أعرفه هو أن علاقة السفراء ترتبط مباشرة بوزارة الخارجية، وأن لقاءاتهم مع أي مسؤول، يفترض أن تمر من خلال الوزارة، بالموافقة او الرفض، ما أعرفه، أيضا، هو انه وظيفة السفير تمثيلية، بمعنى انه يقدم الصورة الأفضل عن دولته، ويتابع شؤون مواطني بلده، ويعمل على تطوير العلاقات مع الدولة التي اعتمد فيها، ما اعرفه، ثالثا، هو ان دور السفارات قد يتجاوز ذلك في نطاق متابعة الأحداث بالبلدان التي تتواجد فيها، و كتابة التقارير الدورية لحكوماتها، لكن هذا العمل غالبا ما يكون في إطار من الحرفية والسرية، ودون التدخل في الشؤون الداخلية بصورة علنية على الأقل.
ما فعله السفير الهولندي (هاري فيرفاي) يبدو نموذجا لما يجري من تجاوزات لبعض السفراء، الرجل طلب لقاء وزير الإعلام للتعارف، الوزير وافق، أثناء اللقاء طلب السفير من الوزير دعم ترخيص إحدى الإذاعات الموجهة للاجئين السوريين، والممولة من مؤسسة هولندية غير حكومية، صاحب الترخيص إعلامي لا يحمل الجنسية الأردنية ولا الهولندية، فوجئ الوزير بالطلب ورد عليه بالاعتذار، لان مسألة الترخيص تخضع للقوانين والأنظمة، ولا يتدخل فيها احد ، بعد انتهاء الزيارة نشر السفير على صفحته ب»تويتر» تغريدة انتقد فيها حرية التعبير بالأردن، بعدها كتب الإعلامي( صاحب الترخيص) رسالة شكر للسفير، مطالبا السفراء الآخرين بمساعدته «على سد الفجوة بين التزامات الأردن والتصريحات العامة والوضع على الأرض».
لا يوجد لدي أي تعليق على تفاصيل الواقعة، فهي تعلّق على نفسها بنفسها، لكن الأهم أنها كشفت عن وضع قائم، توجهت إليه نقاشات العامة فيما مضى بشكل خافت أو خجول أو مستور، وقد جاء الوقت للحديث عنه بمنتهى الصراحة، ناهيك عن وضع ما يلزم من حدود وإجراءات لمنع تكراره مستقبلا، فكما يحترم سفراؤنا بالخارج مهام عملهم الدبلوماسي، ويتقيدون بما تفرضه عليهم القوانين المعمول بها في البلدان التي يمثلوننا فيها، يجب أن يحترم السفراء لدينا مهامهم الوظيفية، كما يجب علينا أن نتعامل معهم بالمثل.
واقعة السفير تكشف عن ملفين آخرين مهمين، الأول ملف التمويلات الأجنبية، لدينا مؤسسات مدنية يعتاش بعضها على هذه التمويلات، وتحمل أجندات تتعارض أحيانا مع مصالحنا وامننا الوطني، ويبدو انها تمارس سطوتها بالنيابة عن الممولين، وتتدخل بشكل سافر بقضايانا وتشريعاتنا ومزاجنا العام، الملف الثاني يتعلق بروّاد السفارات من الأردنيين الذين تحولوا إلى زبائن دائمين فيها، او ناطقين باسمها، لكي لا أقول أدوات لتزويدها بما يلزم من أخبار وتقارير، وغالبا ما تكون غير صحيحة، وموجهة ضد مصالحنا واستقرار بلدنا.
بقى أنا أقول، شكرا لوزارة الخارجية التي تحركت لإدانة موقف السفير الهولندي، ونتمنى أن تكون رسالتها وصلت لكل الأطراف التي تجاوزت حدودها الوظيفية، أو الوطنية، وأن يحظى ملف السفارات، بسفرائها وزوارها، بما يلزم من حذر واهتمام.