صراحة نيوز – بقلم عامر الصمادي/خبير اعلامي
لفت انتباهي اعلان مدفوع وترويج متقن على شاشة احدى القنوات التلفزيونية الخاصة يستعرض من خلالة حياة احد الشباب الرياضيين سليمي الجسم والناجحين بحياتهم والمصاب بالايدز لكنه يمارس حياته الطبيعية عملا ورياضة وزواجا وانجابا لدرجة انني تمنيت للحظات ان اكون مثله بالطريقة التي صورها الاعلان.
الى هنا قد يبدو الامر عاديا لكن عند النظر للموضوع من زاوية اخرى لابد ان نسأل انفسنا ونسأل هذه المحطة التلفزيونية عن الهدف من بث مثل هذه الاعلانات ومن يقف خلفها ويدفع اموالا طائلة لترويجها ؟ وكم عدد المصابين بالايدز في الاردن ؟وكم نسبتهم من المجتمع ؟
لماذا الآن يتم طرح هذا الموضوع المرفوض اجتماعيا ودينيا في الاردن ودول المنطقة بسبب ان احدى طرق الاصابة به تعتبر كبيرة من الكبائر في الاسلام (طبعا هناك طرق اخرى لانتقالة غير هذه الطريقة لكن المرتبط باذهان الناس هو هذه الطريقة ،وانا لست مع وسم كل مصاب بالايدز بانه لوطي ).
واعود للتساؤل لمصلحة من يعطى الانطباع بان في الاردن مشكلة كبيرة بسبب اعداد المصابين بالايدز الامر الذي يستدعي بث مثل هذه الاعلانات المدفوعة لتشجيع الناس على تقبل المصابين به وترسيخ فكرة انه يمكن لهم ان يعيشوا حياة طبيعية كالآخرين تماما بل والزواج والانجاب ايضا ؟؟؟ .
من خلال عملي الطويل في الاعلام ومتابعتي وتدريبي الآخرين على الحملات الاعلامية اقول ان هناك افكارا ليست طيبة تقف خلف متل هذا النوع من الترويج ،سواءا من حيث التوقيت او الطريقة او الاسلوب الذي تقدم به ،خاصة اذا علمنا ان عدد المصابين به بالاردن قليل جدا ومعظمهم جاءت اصاباتهم بسببب نقل الدم .
واعود للتساؤل لماذا يتم الترويج لهذه الافكار في غمرة انشغال العالم بفيروس كورونا ؟ ولم يبقى الا ان يقول لنا من يقفون خلفها ان الايدز اقل ضررا من الكورونا ، فحسب الاعلان يمكن للمصاب به ان يتزوج وان يداعب اطفاله ويختلط بالناس ، بينما مصاب الكورونا يجب عليه حجر نفسة بعيدا عن الناس وعدم الاختلاط بهم نهائيا انها مقارنة خفية يسعى من خلفها الى جعلها تدور في عقول المشاهدين ومع التكرار (الذي يعلم الشطار ) سيقتنع الناس ان الايدز اهون شرا من الكورونا .
تقول كلاسيكيات الاعلام الحديث ان خبراء الدعاية استغلوا السينما بعد ظهورها لتمرير كثير من القضايا التي يريدون الترويج لها من خلال وضع رموزها او اصواتها بين ثنايا الفيلم الذي يعرض امام الجمهور ، فمن المعروف ان الثانية الواحدة في لقطات السينما تتكون من اربعة وعشرين لقطة او صورة تشكل بمجموعها حركة ما يقوم بها الممثل ،وكان الخبراء يعمدون الى وضع لقطة او اكثر من ضمن الاربعة والعشرين لتمرير فكرة ما كأن تكون رمزا للنازية مثلا او رسما شيطانيا او حتى دعاية لمنتج ما ،وعندما يعرض الفلم ستمر هذه اللقطات سريعا ولا تكاد العين تلحظها لكنها ستسقر مع التكرار في العقل الباطن للمشاهد وتصبح مألوفة لديه .
من هنا فانني ادعو هيئة الاعلام التي يفترض انها تمثل دور المراقب لما يعرض على الشاشات الى متابعة هذا الامر والتحقق من خلفياته ومنعة ،وعندما يصبح لدينا عشرات الالاف من مصابي الايدز يمكن عندها التفكير بمثل هذه الحملات ، وحبذا لو تم انفاق اموالها على ابراز مضار التدخين مثلا او مشكلة السمنة والسكري التي تصل نسبة المصابين بها الى ما يقرب من سبعين بالمائة من الشعب الاردني. حفظكم الله وابعد عنكم الايدز والكورونا وممولي الحملات الخبيثة .