صراحة نيوز – بقلم أ.د.محمد طالب عبيدات
واقع التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد في زمن جائحة كورونا فرض نفسه؛ حيث جميع مؤسسات التعليم العام والعالي تسعى لجودة التعليم ومخرجاته بغض النظر عن الأساليب التعليمية المتبعة؛ متجاوزين سلبيات المفارقات بين التعليم المباشر أو الوجاهي من جهة والتعليم عن بُعد من جهة أخرى؛ فضعف العلاقة أو ربما سلبيتها او حتى سالبيتها بين اﻹبداع والتحصيل الدراسي قد يؤثر على كفاءة اﻹبداع في خضم التلقين والصمّ الذي يسود في في معظم بيئاتنا التعليمية العامة والعالية على السواء في التعليم المباشر، والدعوة هنا ﻹطلاق العنان للإبداع والمبدعين لا لتشجيع إسترجاع المعلومات وتكديسها في اﻷدمغة وتفريغها عند اﻹمتحانات؛ وربما يتم ذلك من خلال تحويل تحديات التعليم عن بُعد إلى فرصة لإطلاق العنان للشباب الجامعي صوب الإبداع والتميز:
1. أشارت معظم الدراسات إلى أن تحصيل المبدعين غالباً متوسطة أو حتى ضعيفة، ﻷن التلقين وأساليبه في التعليم المباشر وحتى واجبات المدرسة والجامعة لا تلبي طموحاتهم ورغباتهم لتقليديتها؛ ولهذا فربما نجد حلاً لهذه الضالة في التعليم عن بُعد.
2. للأسف معظم أساليب التعليم حالياً تقوم على تعلّم المعلومات وإسترجاعها ويحتاج ذلك لتكديس الذاكرة وشحن اﻷدمغة كالبطاريات الجافة ومن ثم تفريغها يوم اﻹمتحان، وبعدها فرمتت اﻷدمغة لغايات تعبئة معلومات جديدة، وبالطبع هذا إستهتار بعقل اﻹنسان وقدرته؛ ولربما الإستثمار الأمثل بالشباب الجامعي من خلال التعليم الإلكتروني يشحن هممهم صوب الإبداع والتميز.
3. القدرة على إجتياز اﻹمتحان والحصول على علامات متميزة مختلف تماماً عن اﻹبتكار والعبقرية واﻹبداع، وأمثلة ذلك كثيرة من قصص اﻹبداع والنجاح، فألبرت أنشتاين لم يحصل على علامات عالية لا بالرياضيات ولا بالفيزياء لكنه صاحب النظرية النسبية، وداروين كان كثير الهروب من المدرسة لكنه صاحب نظرية التطور، وباستير كان كثير السرحان والذهان بالمدرسة لكنه إكتشف الجراثيم والبسترة، وبل غيتس فشل بإكمال دراسته بهارفارد لكنه أسس ميكروسوفت ومن أغنى رجال العالم، ورونالدو ظاهرة كروية وكان أكسل الطلبة؛ ولهذا فالتعويل على علامات التعليم عن بُعد غير واقعي لكن الإستثمار في مشاريع تحاكي الواقع تخلق المبدعين الشباب.
4. بالطبع هذا لا يعني أن لا نشجع التحصيل الدراسي لكن المطلوب إعطاء فرصة للإبداع ومواءمةُ بينه وبين التحصيل الدراسي لغايات تشجيع إنتاج الجديد وحل المشاكل وتعلم اﻷصيل والقيّم؛ فالمشاريع وما يقدّمه الطلبة عن بُعد يمنح فرص لاكتشاف المبدعين.
5. مجالات اﻹبداع وتنوّع أشكاله تقتضي من اﻷساتذة الكرام توجيه الطلبة لفتح آفاق للإبتكار وإكتشاف الجديد والبحث العلمي والمهارات والدراسات الميدانية وتقديم التقارير وإبراز الكفاءة والموهبة ومهارات الحياة العصرية الناعمة والخشنة على السواء وغيرها؛ وهذا التنوع ربما يتم تعزيزه عن طريق التعليم عن بُعد.
6. على الحكومة وضع إستراتيجيات خاصة بإكتشاف المبدعين وإستقطابهم وتوجيههم وإيجاد الحاضنات الخاصة بتطوير أفكارهم والتعاون أو الشراكة مع القطاع الخاص لهذه الغاية؛ وليس هنالك فرق كبير في هذا المجال بين التعليم المباشر أو التعليم عن بُعد.
بصراحة: بات التعليم تلقينا وحالات تشجيع المبدعين نادرة، والكرة في مرمى اﻷساتذة وأعضاء الهيئات التدريسية ومؤسساتنا التعليمية والقطاع الخاص للنهوض بالكفاءة التعليمية لهذا الجيل ليصبح جيل اﻹبداع في زمن اﻷلفية الثالثة وخصوصاً في زمن التعليم الإلكتروني والتعليم عن بُعد، ونحتاج ﻷفكار مبدعة لمشاريع على اﻷرض في هذا الصدد.