صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
من الواضح أن كثرة الحديث عن المنخفض الجوي الأخير ، والتحذيرات من قوته وشدته، و تأثيره على كل مناحي الحياة، والرسائل التي تدعو إلى عدم الخروج إلا في حالات الضرورة القصوى، جعلتني متوترا كحال أي مواطن، أصبح قلقا يحسب حسابا لكل شيء ، حتى بات يخاف من نعم الله علينا ، مثل نعمة “المطر” .
وتسلل الخوف إلى قلبي وسكنه ، حتى جفاني النوم ، وأصابني الضجر ، وبالتأكيد كان ” التفشيش ” بالطعام هو الحل ، وحدث أن غصت في حلقي أول لقمة خبز ، وحدثت نفسي : إن من أسوأ الاشياء في الحياة تناول الطعام على شبع ، في حين يفتقد بعضهم لقمة تسد رمقهم .
نظرت إلى رغيف الخبز وأخذتني “الصفنة” في قرار رفع سعره ، وقلت : والله حرام ، أسعار مرتفعة، ودخول محدودة .
انصرفت إلى المحطات التلفزيونية ، وشد انتباهي عرض لحلقة قديمة من المسلسل التلفزيوني ” صح النوم ” ، وكيف قاد تفكير رئيس “الكراكون ” أبو كلبشة إلى افتعال المشاكل بين المساجين ، أو خارج السجن بين المواطنين في “حارة كل مين ايده اله”، بعد ان تناهى إلى مسامعه أنه سيتم الاستغناء عن خدماته بعد أن استتب الأمن والاستقرار في الحارة ، وأخذ يترك باب” الكراكون “مفتوحا حتى يتمكن المساجين من الهرب ، ويعود هو إلى ممارسة عمله في القاء القبض على الخارجين عن القانون ، ويعود أنفه الذي لا يخطىء في اشتمام الجريمة قبل وقوعها.
أصابني الملل من تلك التمثيليات المضحكة المبكية التي تحاكي واقعنا بدرجة كبيرة، فقررت اكمال سهرتي مع محرك البحث ” غوغل ” ، وأخذت أتصفح المعلومات المختلفة ، فقرأت عن حادثتي: أبو شاكوش وعمليات القتل والسطو المسلح على الصيدليات ، وما لفهما من غموض ، حيث ما زالت هوية الجناة مجهولة رغم مرور ربع قرن عليهما ،وجل ما حدث بعد تلك الحوادث ، أن ظهرت لدينا شركات “خاصة” تعمل في مجال الحماية والحراسة، واستتباب الأمن .
تألمت مما قرأت ، فقررت الهروب إلى “الفيسبوك” ، وصدمني حينها الكم الهائل من الصور ومقاطع الفيديو لعمليتي سطو مسلح على بنكين في وضح النهار وباسلوب اللصوص الهواة ، جرت خلال 48 ساعة! فجفل قلبي ، وأخذت أفكر وأحلل ما الذي يجري ، فلم أجد إجابة ، وارتحت عندما تذكرت بأن هناك توجها للعمل الجاد على حماية الاستثمار والمستثمرين، لتوفير جرعة من الامن زيادة على ما يعيشه الوطن من امان واستقرار!
كالمعتاد ، وهروبا من الواقع ، قررت أن أذهب لأتناول شيئا خفيفا من الطعام ، وقتها كانت مآذن المساجد تستعد لرفع أذان الفجر ، فتناولت رغيف الخبز ونظرت اليه نظرة امتنان ، وقبلته شاكرا نعم الله التي لا تعد ولا تحصى ، وقلت : الحمدلله على لقمة الخبز الحاف مع الاكتفاء بالأمن والأمان ، رغم ما اصابه من ارتفاع في سعره .
في تلك الليلة أنهيت تناول عشائي الثاني أو الثالث لا أذكر على وجه التحديد ، وهرب مني النوم ،فتارة أتوجس من صوت “المطر والريح” ، الذي بتنا نخاف منه، وتارة ينتابني الخوف من فقدان نعمة الاستقرار الذي يحاول بعضهم زعزعته وإدخال الخوف إلى قلوبنا!
فحمدت الله على الجوع الذي يخالطه الأمان،وأستعذت بالله من شبع يشوبه الدمار!