صراحة نيوز – بقلم م. عبدالرحمن “محمدوليد” بدران
قبل عدة أيام لفت إنتباهنا إعلان مؤسس موقع التواصل الاجتماعي الشهير “فيسبوك” مارك زوكربيرغ إحتفال موقعه بمرور 14 عاماً على إنطلاقه، والرسالة التي قام بنشرها في ذلك اليوم بعنوان “تفكير وتأمل” حول ما مضى وما سيأتي وما تحقق خلال السنوات الـ14 للموقع وما يتطلع إليه خلال الفترة القادمة.
تلك الرسالة التي بدأها بالقول “إنها لحظة للتفكير في ما وصلنا إليه، من داخل غرفة النوم في جامعة هارفارد حيث بدأ الموقع، والتطلع لجعل العالم أقرب بصورة أكبر، كما أنها لحظة للتفكير بما نحتاج القيام به على نحو أفضل، في بعض الأحيان يسأل الناس عن ما تعلمته طوال مشواري مع فيسبوك، كنت أبلغ من العمر 19 عاماً حين أسست الموقع، كنت آنذاك لا أعرف أي شيء عن تأسيس شركة أو خدمة الانترنت العالمية، وقد قمت بالعديد من الأخطاء خلال كل هذه السنوات، التقنية منها والإدارية، ووضعت ثقتي في أناس خطأ وعينت الموهوبين في المناصب الخاطئة، وأخطأت في حق آخرين، كل هذه الأمور جعلتني على ما أنا عليه اليوم”.
وتابع “منصتنا تتواجد اليوم ليس لأننا تجنبنا الأخطاء، بل لأننا نثق في ما نفعله وفي التحديات التي سنواجهها في المستقبل”، ليؤكد في ختام الرسالة أن الموقع ما يزال “في بداية المشوار”، وأن “الرحلة مستمرة لتحسين الوضع والاستمرار في القمة” !
كلمات تصدر عن مؤسس الموقع الذي تجاوز عدد مستخدميه النشطين 2 مليار مستخدم شهرياً حول العالم بحسب إحصائية شهر آب/أغسطس 2017، وعائدات تجاوزت 10 مليار دولار في العام ذاته، إضافة للإستحواذ على برامج من بين الأكثر شهرة ونجاحاً وإستخداماً في العالم في عالم التواصل الاجتماعي مثل الانستغرام والواتساب، وبرغم كل هذه النجاحات والأرقام المبهرة مازال الرجل يتحدث عن أنه مازال في بداية المشوار !
ولربما بقليل من التأمل وجدنا في هذا المثال رسالة لكل من يعمل عاماً أو عامين في مكان ما ويحقق فيه نجاحاً ليبدأ بعدها بتوزيع الحديث عن بطولاته يميناً ويساراً وكأنه حقق مالم يحققه أحد في التاريخ، أو من يعمل سنوات طويلة ثم يدخل في الإحباط واليأس لأنه لم يحقق شيئاً مما يطمح إليه، أو غيرهم ممن لم يدركوا بأن النجاح والتميز رحلة لا تنتهي فصولها لمن أراد أن يعيشها بحقيقتها إلا بانتهاء آخر نفس لنا في هذه الحياة !
يروى أنه في أحد الأيام وصل الموظفون إلى مكان عملهم فرأوا لوحة كبيرة معلقة على الباب الرئيسي لمكان العمل كتب عليها: لقد توفي البارحة الذي كان يعيق تقدمكم ونموكم في هذه الشركة، ونرجو منكم الدخول وحضور العزاء في الصالة المخصصة لذلك، حزن الجميع في البداية لوفاة أحد زملائهم في العمل، لكنهم سارعوا بعد لحظات لمعرفة الزميل الذي فارقهم وكان يقف عائقاً أمام تقدمهم ونمو شركتهم ونجاحهم، وبدأ الموظفون بالدخول إلى القاعة التي يتواجد فيها الكفن وتولى رجال أمن الشركة عملية دخولهم واحداً بعد الآخر لرؤية من بالكفن، لكن الغريب في الأمر أن كل واحداً منهم كان وبمجرد رؤية ما بداخل الكفن يصبح وبشكل مفاجئ غير قادر على الكلام وكأن شيئاً ما قد لامس أعماق روحه، ذلك أن من بالكفن لم يكن إنساناً مثلهم، بل كانت مرآة موضوعة في أسفل الكفن تعكس صورة كل من ينظر إلى داخله، وبجانبها لافتة مكتوب عليها “هناك شخص واحد في هذا العالم يمكن أن يضع حداً لطموحاتك ونموك في هذا العالم، ذلك الشخص هو أنت فقط لا غيرك، فحياتك لا تتغير عندما يتغير مديرك أو يتغير أصدقاؤك أو زوجتك أو شركتك أو مكان عملك أو حالتك المادية، ولكنها حتماً ستتغير عندما تتغير أنت وتقف عند حدود وضعتها أنت لنفسك، راقب شخصيتك وقدراتك ولا تخف من الصعوبات والخسائر والأشياء التي تراها مستحيلة، وإختر دائماً الطريق الذي تكون فيه رابحاً دائماً”.
ليبقى لنا الخيار بين أن نكون نحن من بالكفن لندفن فيه أرواحنا وطموحنا قبل أوانها وتكون رفيقة الفشل واليأس في مشوار حياتنا، أو نخرجها إلى هواء التجدد والطموح والتميز والنظر للعمل والانجاز بعين من يتعامل مع كل يوم جديد وكأنه أول يوم له في مشوار تحقيق طموحاته وأحلامه مهما وقف في وجهه من صعوبات وتحديات.