صراحة نيوز – بقلم سهير جرادات
من الواضح أننا وقعنا في شرك البنك الدولي، الذي يملي عن بُعد قراراته علينا، وعلى الحكومات التي تعمل لترضيه وتوفر مطالبه؛ بمد يدها إلى جيوب المواطنين ، والتحكم بلقمة عيشهم، ورفع الأسعار بمختلف أصنافها ، حتى بتنا نرزح تحت نير احتلال البنك الدولي ، ونحن لا حول لنا ولا قوة، سوى تنفيذ أوامره وطلباته.
والمشكلة هنا هي ان الحكومة لتحقق مطالب البنك الدولي تفرض علينا جملة من القرارات التي من شأنها فرض رسوم ضريبة جديدة على مجموعة من السلع الأساسية، التي تؤثر تأثيرا مباشرا على المواطن، والمشكلة الأكبر أن كل هذه الاجراءات الحكومية الجائرة لا تقلل عجز الموازنة ،بل تضاعفها .
والمضحك المبكي في الأمر ، أننا لا نشهد طروحات حكومية لحل مشكلة المديونية ، والحد من العجز في الميزانية ، فلا خطط مستقبلية ، ولا اجراءات جادة لاصلاح القطاع الصناعي أو التجاري أو السياحي ودعمها، أو العمل على زيادة الرقعة الزراعية لنتمكن من الاعتماد على أنفسنا ، فهي حكومة جباية، لا حكومة رسم السياسات وطرح الحلول.
وحسب التسريبات ، فإن قرارات رفع الأسعار الأخيرة جرت بالاتفاق مع النواب ، إلا أن الحكومة خرجت عن الاتفاق ووسعت شريحة الضرائب المفروضة ، وجاء الرد النيابي بغياب عدد كبير منهم عن الجلسة التي أقر فيها رفع الأسعار، وكأن الأمر لا يعنيهم مواطنين أو ممثلين عن الشعب ، لترتفع في ليلة وضحاها نسبة التضخم وتكلفة المعيشة الناجمة عن حزمة الضرائب والأسعار 18 بالمائة.
يبدو أن الحكومة لا تحس بمعاناة شعبها جراء الفقر والبطالة وغلاء الاسعار، فبعد أن رفعت أسعار الخبز والدواء والكهرباء، ورفع الفائدة على القروض البنكية ، وفرض رسوم على استيراد السيارات ورفع ضريبة البنزين واسعار الدخان والمشروبات الغازية ، بالاضافة الى فرض ضريبة على الذهب ، لجأت إلى ” مقلمة الطالب ” وفرضت ضريبة على أقلام الحبر والرصاص، وأقلام التلوين وكأنها تحرم الطلبة وغيرهم من أن يلونوا حياتهم حتى ولو في الخيال ، وفرض ضرائب على مكونات المقلمة من برايات ومحايات وحقائب المدارس والدفاتر، إضافة إلى الزي المدرسي، والعلب الهندسية والمساطر، وهذا ما يعده التربويون صفعة في وجه التطوير للمنظومة التعليمية ، القائمة على أساس توفير البيئة المناسبة والمعدات اللازمة لاتمام هذه العملية بنجاح.
الغريب في الأمر، أن الحكومة لا تدرس الآثار الاجتماعية لرفع الأسعار وفرض المزيد من الضرائب على المواطن ، ولم تدرس انعكاسها على التنمية الاقتصادية ،والتراجع الذي أصاب البورصة وازدياد عجز الميزان التجاري وتراجع القطاع الصناعي والسياحي ، هذا بالاضافة الى أننا لم نر بيانا حكوميا يبين الاجراءات الحكومية الرامية الى مساواة الايرادات مع النفقات .
النخب السياسية الاقتصادية تحذر من القرارات الحكومية غير المدروسة ، والتي بدأت بفرض الرسوم والضرائب ورفع للاسعار على ثلاث مراحل الاولى كانت في العام الماضى والآن نشهد الثانية، والثالثة القاضية ستكون في العام المقبل ، وجميعها سيكون لها انعكاس سلبي على الفقراء، وما تبقى من الطبقة الوسطى المسحوقة ، مسببة ركودا اقتصاديا ، بعد أن تحولنا إلى بيئة طاردة للاسـتثمارات ، إذ سيشهد السوق المحلي حالة من الشلل والركود ، حيث ستقل نسبة الشراء مقابل زيادة الأسعار، مما يضعنا أمام تساؤل : هل هذه الاجراءات مدروسة، أم انها مفروضة على الحكومة !؟
التخمينات و التحليلات السياسية كانت تعول على مغادرة الحكومة مباشرة بعد حزمة الضرائب ورفع الدعم عن الخبز ، كونها نفذت ما هو مطلوب منها ، وما هو متفق عليه ، ولكن إجراء تعديل لحقيبة واحدة على حكومة الملقي ، منحها عمرا جديدا ، وسقطت التخمينات حاليا