صراحة نيوز – موسى العدوان
ملك البرتغال الفونسو الرابع، الذي حكم بلاده في القرن الرابع عشر، أجبر ابنه وولي عهده بيدرو الأول، على الزواج من طليقة ملك قشتالة ( جزء من اسبانيا ) تدعى كونستانيس، وهي ابنة نبيل من نبلاء قشتالة. ولما كان الطلاق محرّما في المذهب الكاثوليكي ، فإن أي طليقة تعتبر وصمة عار في المجتمع بذلك العصر.
رفض بيدرو الأول الزواج من هذه المطلّقة، ولكن والده أجبره على الزواج منها رغم عدم حبه لها. فجاءت كونستانيس إلى القصر ومعها وصيفتها أينيس، التي لا تنتمي إلى عائلة النبلاء، وهي ابنة لزواج غير شرعي. استمر بيدرو بكرهه لزوجته رغم أنه رزق منها بثلاثة أطفال، وراح يتقرب من أينيس الشابة الحسناء ليتزوج منها.
انتشر الخبر في البلاط الملكي مما أدى لغضب زوجته، التي حاولت إعادة وصيفتها أينيس إلى قشتالة، إلا أن بيدرو علم بالأمر فنقل أينيس إلى قصر آخر لتعيش معه. كما رفض الملك زواج ولي عهده من هذه الخادمة خوفا على سمعة العائلة الملكية، وحاول تزويجه من أميرة إسبانية إلا أن ولي العهد رفض ذلك.
في هذه الأثناء توفيت كونستانيس زوجة بيدرو إثر عملية ولادة متعسرة، فأصبح الطريق ممهدا لِ أينيس لتصبح زوجة شرعية لولي العهد، الذي بدأ بالتقرب من إخوانها ومنحهم مناصب هامة في الدولة. هذا الأمر أثار غضب والده الذي كان يعتبر قصة الحب هذه مجرد نزوة عابرة.
أحس الملك بالخطر خاصة وأن العلاقات بين البرتغال وقشتالة كانت سيئة، ورأى أن ابنه أصبح لعبة بيد القشتاليين. لذلك أراد أن يدبّر مكيدة ليتخلص من أينيس، والتي كانت هي الأخرى قد أنجبت من ولي العهد أربعة أطفال غير شرعيين. عرف بيدرو بتفاصيل المؤامرة، فقام بتخبئة أينيس وأولادها في أحد الأديرة خشية عليها من بطش والده. ولكن الملك عرف بمكانهم فأرسل ثلاثة من نبلاء البلاد، دخلوا إلى الدير وقاموا بقتل أينيس وقطع رأسها أمام أطفالها، وأحضروا رأسها إلى الملك عام 1355.
وعندما رأى بيدرو رأس زوجته غير الشرعية مقطوعة الرأس وأطفالها في حالة هلع ورعب، دخل في حرب مع والده، الذي توفي فيما بعد نتيجة للمرض، وأصبح بيدرو ملكا رسميا على البلاد عام 1357. وعندها بحث عن قتلة زوجته أينيس وانتقم منهم. ثم أمر بإخراج بقايا جثتها من القبر وإلباسها ثياب الملكات، وإجلاسها بجانبه على كرسي العرش في مراسم ملكية قائلا : ” هذه ملكة البرتغال ” وأمر جميع النبلاء ورجال الكنيسة، بالمرور أمام الجثة وتقبيل يدها والولاء لها. ثم بنى لها قبرا في أحدى الكنائس لتدفن فيه، وبنى له قبرا مقابله كتب على رخامه : ” معا حتى نهاية العالم “.
عندما كنت مشتركا في دورة كلية الحرب الأمريكية عام 1987، سألت زميلي البرتغالي عن حقيقة هذه القصة. فأجابني بما يلي : ” إن السيدة أينيس كانت تؤمن بالسحر وفعل الحُجُب، الذي كان يتعامل به بعض القشتاليين. ويُعتقد بأنها استعانت بهم للسيطرة على عقل وقلب بيدرو وإعماء بصيرته، فكانت تلك النتيجة المأساوية “.
حدث استعمال السحر والحُجُب في القرن الرابع عشر، فهل يمكن أن يتكرر استعماله من قبل بعض سيدات المجتمع في القرن الحادي والعشرين، رغم التقدم العلمي الذي وصلت إليه البشرية ؟
التاريخ : 17 / 2 / 2019