هل سَقطتْ نظرية المؤامرة

8 يوليو 2019
هل سَقطتْ نظرية المؤامرة

صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه

لَمْ ولَنْ تَسْقُطْ نظرية المؤامرة ، لكننا تشككنا ، لأن المؤمرات تُحاك بعقول أجنبية ، وتُنفذ بأيادٍ وطنية فاختلط علينا الأمر .

 

كل مسؤول ساهم في تدمير ، او سرقة وطنه إما عميل لعدو أجنبي أو أداة لأحد عملاء الأجانب سواء عَلِمَ بذلك أم جَهِلْ .. فلنرجع في ذاكرتنا الى الوراء ونُراجع كل الأحداث الكبرى وتداعياتها سواء على المستوى الوطني ، او القومي .. الأحداث الكبرى بالمطلق هي تتبع نظرية المؤامرة من الاعداء الأجانب ، أما تداعياتها فبالمطلق اغلبها صناعة وطنية وبأيادٍ محلية .

ومن الأمثلة على انواع المؤمرات الخارجية على سبيل المثال : إتفاقية سايكس وبيكو ، وعد بلفور ، وما سُمي بالربيع العربي الذي إجتاح المنطقة العربية ، حيث يُعتبر تنفيذاً للمخطط الصهيوأمريكي بما سُمي بالفوضى الخلّاقة التي أطلقها جورج بوش الإبن على لسان كونداليزا رايس وزيرة خارجيته ، والهدف مما سمي بالربيع العربي خللخلة الأنظمة العربية وإسقاطها لإنهاكها ونشر الفوضى فيها وتقسيمها في النهاية ، حتى تسود إسرائيل وتصبح الأقوى في المنطقة ، أما التنفيذ فكان بأيادٍ عربية .

ومما زاد من زخمه هو توافق أهداف خلخلة الأنظمة مع القهر ، والفقر ، وغياب العدالة ، التي تعاني منها شعوب المنطقة العربية فتناغمت الوسائل رغم إختلاف الأهداف وحصل ما حصل وما زال يحصل وكانت النتيجة دمار ، وقتل ، وتشريد ، وضياع أوطان .


ومن الأمثلة على انواع المؤمرات ، مثلاً مشاريع الخصخصة التي ضيّعت مقدرات الاوطان ، وسَلبت الأموال وكان أبطالها بالمجمل أيادٍ يفترض ان تكون وطنية لكنها فعلياً متآمرة نفذت أجندات خارجية هدفها ضياع مقدرات الأوطان ، وإنهاك اقتصاداتها وإثراء العملاء وتعميق الأزمات حتى لا يكون لها حل ، كالفقر ، والبطالة ، وارتفاع الأسعار ، وإختفاء الطبقة الوسطى ، التي يعتبر سوادها وارتفاع نسبتها في اي مجتمع مؤشر على صحة الاقتصاد الوطني بالاضافة الى الجوانب الاجتماعية والأمنية وخلافه .

أيضاً الفساد الإداري جزء من المؤامرة ، فقد عمل العملاء وادواتهم على عدم تعيين الرجل المناسب في المكان المناسب ، وعندما يتم تسليم المسؤولية الى إنسان غير كفوء يكون بداخله ضعيفاً ، مهزوماً ، خانعاً ، ذليلاً ، لمن له الفضل في تسلمه المنصب ، عندها يكون أداة طيعة في يده فينفذ السياسات التي رسمها له العملاء ، وبهذا يكون دمار الاوطان محققاً ، وهذا الاستهداف تركز من قبل الصهيونية وعملائها خاصة ضد دول الطوق العربية ومن يجاورها من الدول العربية .


ليس من المستغرب ان تُستهدف الاوطان من الأعداء الذين يحيكون المؤمرات للإضرار بهذه الاوطان ، لكن المستغرب ، لا بل والمؤلم ان تكون أدوات تنفيذ المؤمرات وطنية من الخونة ، والمأجورين ، وهذا يذكرني بقول مأثور ، ان الشجرة عندما يُضرب ساقها في ساطور ، لا يؤلمها الساطور نفسه ، بل يؤلمها مقبضه المصنوع من الخشب ، المصنوع من بنات جنسها . ما أكثر العملاء المأجورين واتباعهم ، ومن تبعهم ، ممن تم إغرائهم ، حتى غرقت الاوطان ، نشكيهم للواحد الديّان .


وأختم بإقتباس قول للكاتب الاستاذ محمد حسنين هيكل حيث قال: ليس كل التاريخ مؤامرة ، لكن المؤامرة موجودة في التاريخ ، ومن لا يرى مؤامرة في كل ما فعله الغرب بالمنطقة ، فإنه كمن لا يفرق بين التمرة والجمرة .

الاخبار العاجلة