صراحة نيوز – أظهرت بيانات حكومية أن الاقتصاد الأميركي تحسّن بشكل كبير ونما في الربع الثالث من العام الجاري بنسبة 2.6 في المائة، ما يمثّل انعكاساً دراماتيكياً للانكماش الذي حدث خلال الربعين الأول والثاني من العام الجاري؛ حيث خرجت التقديرات الاقتصادية تشير إلى تقلص النشاط الاقتصادي بنسبة 2.2 في المائة خلال الأشهر الستة الأولى.
وقال مكتب التحليل الاقتصادي بوزارة التجارة الأميركية إن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع بمعدل قدره 2.6 في المائة خلال الربع الثالث من العام، بعد أن سجل الربع الأول 1.6 في المائة والربع الثاني سالب 0.6 في المائة.
وتفاءل الخبراء بهذه التقديرات التي قد تهدئ المخاوف من الركود الوشيك. ويعتقد العديد من الاقتصاديين أن الولايات المتحدة قد تجنبت الركود حتى الآن.
ومع ذلك، قد يخفي المؤشر العام الإيجابي علامات على اقتصاد هادئ، بالنظر إلى التفاصيل نجد أن النمو الاقتصادي في الربع الثالث نجم جزئياً عن انخفاض العجز التجاري، ما يشير إلى أن الولايات المتحدة ضيّقت الفجوة بين السلع المستوردة والمصدرة، مقارنة بالربع السابق.
لكن هذا التطور يشير أيضاً إلى ضعف الطلب الأميركي على السلع المستوردة وتراجع الإنفاق الاستهلاكي الذي يدعم الاقتصاد الأميركي ويمثل 70 في المائة من النشاط الاقتصادي بوتيرة سنوية 1.4 في المائة من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول)، انخفاضاً من 2 في المائة من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران). ويتخوف الخبراء من أن يؤثر ارتفاع أسعار الغاز على هذه المؤشرات الإيجابية سلباً على المدى المتوسط.
وقد خرجت تلك التقديرات الاقتصادية المتفائلة قبل أقل من أسبوعين من انتخابات التجديد النصفي، ما قد يعزز مزاعم الديمقراطيين بقدرتهم على إدارة الملف الاقتصادي، حيث تظهر استطلاعات الرأي أن الناخبين يفضلون الجمهوريين في هذه القضية. وتكشف استطلاعات الرأي قلقاً متزايداً لدى الناخبين من التضخم وخطر الركود الاقتصادي، وهي القضية التي أصبحت هدفاً لهجمات الجمهوريين على إدارة الديمقراطيين لملف الاقتصاد.
وقد استغل الرئيس بايدن هذه التقديرات الاقتصادية الجيدة للإشارة إلى نجاح الديمقراطيين في إدارة الملف الاقتصادي. وأشاد بالتقرير ووصفه بأنه دليل إضافي على أن الانتعاش الاقتصادي مستمر، وقال إن الجمهوريين لديهم
“أجندة مختلفة تماماً – أجندة من شأنها أن تزيد التضخم وتزيد العجز عن طريق خفض الضرائب على أغنى الأميركيين والشركات الكبيرة”.
وقال بايدن في بيان: “منذ شهور كان المتشائمون يجادلون بأن الاقتصاد الأميركي في حالة ركود، وأن الجمهوريين في الكونغرس يتجهون نحو الانكماش. لكننا حصلنا اليوم على المزيد من الأدلة على أن انتعاشنا الاقتصادي مستمر في دفع القوة إلى الأمام. وهذا دليل على صمود الشعب الأميركي”.
ورغم هذه التقديرات، فإن نظرة الخبراء والاقتصاديين المستقبلية للاقتصاد لا تزال قاتمة، وقد رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأميركي) سعر الفائدة القياسي بنسبة 0.75 في المائة في كل من اجتماعاته الثلاثة الأخيرة في محاولة للحد من معدلات التضخم المرتفعة بشكل غير مسبوق. وهناك احتمالات أن يرفع سعر الفائدة مرة أخرى خلال اجتماعه في ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وقد حذر جيروم بأول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، من أنه سيكون هناك “ألم” في شكل بطالة عالية أو ربما ركود، وهو ما يعني أن الأسر الأميركية ستستمر في مواجهة تحدي ارتفاع الأسر وتباطؤ نمو الوظائف. وقد أدى ارتفاع سعر الفائدة إلى تباطؤ نمو القطاعات الرئيسية في الاقتصاد، ما أدى إلى ارتفاع معدلات الرهن العقاري وتباطؤ بناء منازل جديدة.
ورغم ذلك لا يزال التوظيف في الولايات المتحدة قوياً، حيث أضاف أرباب العمل 263 ألف وظيفة في سبتمبر، وانخفض معدل البطالة بشكل طفيف من 3.7 إلى 3.5 في المائة. لكن التوظيف انخفض من الوتيرة السريعة التي استمرت في وقت سابق من العام، ما يشير إلى أن رفع الفيدرالي لأسعار الفائدة ربما يكون قد بدأ في تهدئة سوق العمل. وبحلول نهاية عام 2023، ستؤدي تحركات البنك المركزي إلى رفع معدل البطالة من مستواه الحالي البالغ 3.7 إلى 4.4 في المائة، كما توقع بنك الاحتياطي الفيدرالي الشهر الماضي. الشرق الأوسط