صراحة نيوز – كتب محرر الشؤون البرلمانية
يشهد مجلس النواب التاسع عشرا اختلافا جوهريا لم تشهده العديد من المجالس السابقة جراء دخول نحو 100 نائب جديد مرة واحدة قبة البرلمان والذين تختلف مشاربهم وتوجهاتهم باستثناء قاسم مشترك واحد يُجمع عليه الغالبية ( التغيير ) .
في اغلب الدورات السابقة كان يعود لعضوية المجالس غالبية من النواب السابقين والذين يكون بينهم نوع من التفاهامات ومصالح متباينة ومواقف سابقة تدفعهم الى التوافق حيال العديد من الموضوعات وبخاصة تقسيم كعكة البيت الداخلي من رئاسة المجلس واعضاء المكتب الدائم لكن في هذه الدورة جرت الرياح على عكس ما تشتهي السفن وفاز في الانتخابات فقط نحو 30 نائبا من ضمن 130 نائبا مجموع اعضاء المجلس .
الملفت بالنسبة لبعض النواب السابقين ثقتهم الكبيرة بقدرتهم ان يكونوا القدوة بالنسبة للنواب الجدد فيما غالبية الأعضاء الجدد لديهم قناعات بضرورة احداث تغيير جوهري في اداء المجلس الجديد لاعادة ثقة المواطنين بالسلطة التشريعية والتي يعتقدون ان اداء المجالس السابقة كان سببا رئيسيا في فقدان تلك الثقة ومن ضمنها المجلس الثامن عشر الذي ساهم بصورة كبيرة في سن قوانين ودعم قرارات حكومية أثرت على معيشة الناس وتطلعاتهم للخروج من الازمة الاقتصادية ورسخت قناعات لدى المواطن العادي أن التهافت على المقعد النيابي هو للتنفع والتكسب من الدولة على حساب الصالح العام .
ومنذ اعلان نتائج الانتخابات بدانا نشهد حراكا نيابيا في اتجاهين الأول من قبل عدد من النواب السابقين بغية قيادة المركبة بتولي رئاسة المجلس أو عضوية المكتب الدائم على اعتبار أنهم اصحاب تجربة وان النواب الجدد بحاجة لنوع من التدريب أو لنواب مخضرمين ليقودوا مسيرة المجلس لكن الواقع ومن خلال المشهد العام يقول خلاف ذلك حيث جاء الحراك الثاني من قبل مجموعة من النواب الجدد الذين أخذوا على عاتقهم السير بقوة لأحداث تغيير شامل في شكل واداء المجلس الجديد .
ابرز ما يواجه النواب الجدد اختلافهم فيما بينهم على الأطر التي من شانها تحقيق طموحهم حيث ظهرت خلافات حيال من هم المؤهلين من بينهم ليقودوا المركبة والذي ان استمر سيكون السبب الرئيسي لسحب البساط من تحت اقدامهم وهو ما يراهن عليه عدد من النواب السابقين الطامحين بتولي الرئاسة أو عضوية المكتب الدائم .
الغائب عن ذهنية النواب الجدد الذين يُشكلون الأغلبية عدم لجوئهم الى استخدام سلاح الديمقراطية الذي هو أساس العمل البرلماني والمخرج الوحيد لتحقيق توافقات تخدم مسيرتهم وتُحقق غاياتهم لأحداث التغيير الذي ينشدونه حيث لم نسمع عن مبادرة تدفع نحو هذا الإتجاه والذي فيه حسم لأية خلافات .
مراقبون يرون خلاف ذلك بان مواقف العديد من النواب محسومة لاعتبارات الجهات التي دعمتهم سواء كانت عشائرية أو متنفذين أو ممولين لحملاتهم وخلافه .. وعليهم العودة اليهم لتحديد مواقفهم وفي هذه الحالة من غير المستبعد ان يقود المجلس احد النواب الذين كانوا يؤكدون قبل موعد الانتخابات انهم ( موعودون ) بالكرسي .
لقد مضى الوقت الدستوري لدعوة المجلس لعقد الدورة العادية والتي كان من المفترض ان تكون في موعد اقصاه يوم الأحد المنصرم 29 – 11 – 2020 وبقي ان يتم الدعوة لعقد دورة غير عادية والمتوقع ان يتم ذلك خلال الشهر الحالي لعقدها في موعد اقصاه مطلع شهر كانون الثاني من العام الجديد 2021 والأختلاف بين أجندات الدورتين ان انتخاب رئيس المجلس في الدورة العادية يكون لمدة سنتين في حين يكون في الدورة غير العادية لمدة سنة واحدة لكن الأهم في هذا السياق الفترة الزمنية المتبقية لحين عقد الدورة غير العادية التي تسمح للنواب الجدد وكذلك النواب السابقين من بدء حوارات فاعلة تُوصلهم لتحقيق تطلعاتهم لكن يبقى الحسم لسلاح الديمقراطية في تحديد توجهاتهم .
.