صراحة نيوز – بقلم عوض ضيف الله الملاحمه
مما يثير الدهشة والاستغراب ان تلجأ الدولة الاردنية الى ثلاثة من ابناء كبار البعثيين السابقين الذين لهم تاريخ مُشرف ليكون إثنين منهم رئيسي وزراء متتابعين والثالث حِراكي وطني فاعل ، مقنع علمي ، متخصص ، أذهلت فيديوهاته الشارع الاردني بمختلف مستوياته واهتماماته ، وهم : / عمر بن منيف الرزاز ، أحد مؤسسي حزب البعث العربي الإشتراكي . / وبِشر بن هاني الخصاونه ، أحد أقطاب حزب البعث العربي الإشتراكي ، وزميل الشهيد البطل صدام حسين في السكن وبنفس الغرفة ، وصديقه الشخصي المقرّب . / ومعن بن مرضي القطامين ، أحد أقطاب ومؤسسي حزب البعث العربي الإشتراكي في الاردن ، المشهود له بالرجولة ، والنزاهة ، والاستقامة ، والجرأة . لا أدري هل هي الصُدفة ، أم ان هناك أسباباً لا نعرفها . مع انه ليس بالضرورة ، لا بل من المؤكد ان الإبن لا يشبه أباه في هذه الاجيال ، حيث اطاحوا بالمثل القائل (( من شابه أباه ما ظلم )) ، لأن غالبية هذه الاجيال ظلموا آبائهم .
سَيطر توزير الناشط الدكتور / معن مرضي القطامين على كل انواع وسائل التواصل الاجتماعي ، وتضاربت الآراء ، والأهداف من النشر ، فمنهم الحاقد ، والحاسد ، والفَرِح ، والمترقب ، والمحايد ، والمُنشدِه . كل هذا أعتبره طبيعي ، لأسباب عديدة منها : ان الرجل شكّل ظاهرة علمية ، عقلانية ، مُقنعة ، حصد من خلال فيديوهاته ومحاضراته ولقاءاته مئات الوف المتابعين ، وتجاوز التقييم ، والنقد العلمي الى ان لامس حدود المعارضة احياناً ، فكيف يؤتى به وزيراً !؟ وكيف يَقبل هو !؟ وكأنهم يطلبون منه ان يبقى معارضاً سلبياً ، وان يرفض الاستجابة لعرض ربما يتيح له فرصة لتطبيق ما يرتأيه و يكون فاعلاً في المجتمع من موقع المسؤولية . وما احزنني التطرق الى مواضيع شخصية ، وكأن شعبنا لا يميز حتى الان ونحن في القرن الواحد والعشرين ، بين ما هو عام وما هو خاص ، وللتوضيح : نعم الدكتور معن اصبح شخصية عامة ، من حق اي مواطن انتقاده ، لكن حق الانتقاد محصور في انتقاد مهام عمله وادائه فقط ، ومن تحكمه اخلاق وقيم نبيلة يعرف ان الشأن العائلي الخاص محظور التطرق اليه للشخصيات العامة . وهذا يذكرني بقصة : حيث كنت مشاركاً في ندوة حوارية ، وعندما ودّ احد الحضور الحديث ، وجه كلامه لي قائلاً : ارجو من الاستاذ عوض ان لا يزعل مني ، قلت له متسائلاً : لماذا ؟ قال لانني سوف انتقد قريبك الدكتور فايز الطراونه ، وكان وقتها رئيساً للديوان الملكي ، رددت عليه فوراً : الدكتور فايز شخصية عامة من حق أي شخص انتقاد ادائه في وظيفتة كما يشاء ، وليس من حقي الاعتراض مطلقاً ، لكن لو لعن احدهم الدكتور فايز وسبه شخصياً سأرد عليه بنفس المسبة ، وربما أقسى .
يا ناس ، مللنا من الوزراء الصلعان الذين ينزلون علينا بالباراشوت ويسلبون وينهبون ويختفون . وقد أُطلق عليهم تسمية مُعبرة وهي ( الديجيتال ) وهم فعلاً كذلك كانوا يتعاملون مع الوطن كارقام ، كم الصفقة ، وكم المنهوب منها وكم حصتهم فلا مشاعر ولا انتماء ولا ولاء . على الاقل هؤلاء ممكن ان نُعبِّر عن غضبتنا عليهم ، ولديهم عناوين يمكننا الذهاب اليها في : العبدلي ، والنعيمة و بصيرا . أرى انهم افضل من تجار الشنطة او ( الدَواجِينْ ) الذين لا اصل لهم ، ولا فصل ، ولا مسقط رأس ، ولا موطيء قدم ، حاملين شُنطِهم ويدورون ، تجذبهم رائحة الفلوس وهي التي تحدد توجههم ، ووجهتهم .
اتوقع ان يتم الاستجابة لبعض مطالب الدكتور معن ، تحت تهديده بالاستقاله ، عندها لا يهمهم شخصه ، ولكن لن يسمحوا بظهور بطل ، الى ان يحين موعد تعديل او تشكيل حكومي ويتخلصوا من هذا العبء والصداع ، وسيطلقون عليه اسماءاً غريبة مثل ( مستر قلق ، مستر تناحه ) . كما انني شبه متأكد ، بانه لن ينجح في اداء مهامه كما يريد هو ، لانه لن ينصهر في ( السيستم ) المتهالك ، المتعفن ، غير النظيف ، وعليه ستكون الحجة المُلجمة له تتلخص في عدم توفر المخصصات ، يضاف الى ذلك ان البيئة التي تحيط به لن تكون مثالية لتساعده في تطبيق قناعاته ، وقدراته ، وتميزه . فمثلاً كان يركز الدكتور معن في فيديوهاته على ضرورة رفع الحد الأدنى من الأجور بشكل كبير يتناسب مع الغلاء ، واتوقع ان لا يحقق شيئاً في هذا الجانب ، ليس لأسباب تتعلق بشخصه او ارادته او انه غيّر قناعاته عندما اصبح في موقع المسؤولية كما يظن البعض ، ابداً ، لكن عقبات كأداء ستقف أمامه ولن يستطيع تجاوزها او التذليل منها على الأقل ، وربما هذه ستدفعه الى الإستقالة او التلويح بها .
الحمد لله ان يكون بين مجلس وزرائنا شرفاء ، نزيهون ، مستقيمون ، غير مرتشين . وانا واثق ان هؤلاء الوزراء سيحاولون كسر ( السيستم ) الخَرِبْ ، العَفِنْ ، الذي أهلك العباد ، وأضاع البلاد ، لكنهم لن ينجحوا ، لكن يكفيهم شرفُ المحاولة ، والثبات على الإستقامة . شيء جيد للوطن ان لا يكون كل مجلس الوزراء منصهرون ، ومستسلمون للفساد . كلي ثقة بان الدكتور معن سيحافظ ويتمسك في المباديء التي تربى عليها في بيت والده ، وكلي أمل ان تاريخ والديهما الدكتور بِشر هاني الخصاونه ، والدكتور معن مرضي القطامين المشترك ان يجمعهما ويتفاهما ويسدنان بعضهما بعضاً ليسهل عليهما المحافظة على إرث والديهما المُشرف ، الذي نفتخر به نحن ، فكيف لا يكون نبراسهما ، وملهماً لهما !؟ في الختام : أنا شبه واثق ان الدكتور معن لن يخذلنا ، لكنه أيضاً لن يُذهلنا ، لأنهم سيخذلونه .