في محاضرة لطلاب جامعة جورج ماسون في واشنطن بتاريخ 12 إبريل / نيسان عام 2010 روى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القصة التالية وأقتبس : ” وضع الهنود فيلا داخل حجرة مظلمة، وأرادوا أن يقدموه للناس. واجتمع حشد كبير من الرجال داخل هذه الحجرة شديدة الظلمة ليروا ذلك الحيوان. بيد أن ذلك الظلام الدامس داخل الحجرة، قد حال بين أن يرى الناس الحيوان باعينهم. فأخذوا بمدون أيدبهم نحوه في ظلام لا ينفذ إليه شعاع من نور.
فمدّ أحدهم يده نحو خرطوم الفيل وقال : هذا الحيوان يشبه المزراب. وامتدت يد آخر نحو أذن الفيل وقال : إنه يشبه المروحة. بينما تحسس آخر بيده قدم الفيل وقال : إنه يشبه العمود. فيما وضع شخص آخر يده على ظهر الفيل وقال : إنه يشبه كرسي العرش. فاختلفت بذلك آراؤهم، ولو كانت في يد كل منهم شمعة، لما اختلفت أقوالهم “.
ويضيف أردوغان قائلا لطلاب الجامعة : إن الإدراك بالتخيل والتوهم، يشبه تماما الإدراك بكف الإنسان. والكف لا يمكنها أن تتحسس فيلا بأكمله. لقد سردت على حضراتكم هذه القصة لأقول لكم : أن أهل الشرق نظروا إلى أهل الغرب، وأهل الغرب نظروا إلى أهل الشرق بعين ( التوهم ). وكما في قصة الفيل تماما، عبّر كل من الفريقين عن الآخر بما أراد أن يرى فقط، وكانت مشاعر كل منهم تجاه الآخر، مشاعر منقوصة مُختزلة، ولم يقيّم بعقل ما تحسسته يده “.
وبالمنطق ذاته، أجريت دراسات في الإسلام والمسلمين تضمنت وبكل أسف، العديد من النقائص والقصور. وباستثناء عدد من هذه الدراسات التي أُريت بشأن الإسلام، قد كُتبت برؤية استشراقية، وتناولت الإسلام برؤية ذات مركزية أوروبية لا تعترف بالآخر، وتدّعي احتكار الصواب. والحقيقة أن الذين يتحركون وكأن الدنيا عالم واحد لا غير، إنما هم أناس عاجزون عن قراءة الروح الدينامية لهذا العصر قراءة صحيحة.
ففي القرن الحادي والعشرين، وفي عصر قفزت فيه تقنيات الاتصال قفزات طفرية، نرى بكل أسف أننا لا نزال نعيش مشكلات خطيرة في معرفة بعضنا البعض. وأقول مؤكدا، أن محاكمة مجموعة من الناس، أ, أصحاب اعتقاد ما، أو أهل دين أو حضارة ما انطلاقا من بعض النماذج والصور الذهنية السيئة، لهو خطر فادح لا يقل في بشاعته عن وصف الفيل في الظلام. وبقدر ما أنّ فترض أحكام قيمية ما وأنماط حياة بعينها على الآخرين أمر خاطئ، فإن عدم مراعاة حساسيات الآخرين وانتهاكها كذلك، يُعدان خطأين لا يقلان عن درجة ذلك الخطأ “. انتهى الاقتباس.
* * *
التعليق : هذا هو رجب طيب أردوغان من مواليد اسطنبول عام 1954، وهو الذي عمل بائعا للبطيخ في صغره ليغطي مصروفاته الشخصية، وكان لاعبا في فريق كرة القدم في شبابه. أنهى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدارس الخطباء التركية، ثم تخرج من جامعة مرمرة ( وليس من هارفرد ) بتخصص الاقتصاد والتجارة. أسس حزب العدالة والتنمية عام،1994 ثم انتخب رئيسا لبلدية اسطنبول لمدة أربع سنوات، تمكن خلالها من تطوير المدينة، وتسديد ديونها التي بلغت حوالي ملياري دولار. انتخب رئيسا لوزراء تركيا من عام 2003 إلى عام 2014، ثم انتخب بنسبة عالية رئيسا للجمهورية التركية أكثر من مرة وما زال في المنصب.
ف
ي عهده حققت تركيا نهضة اقتصادية عظيمة في البُنى التحتية والخدمات والاقتصاد والصناعات المدنية والعسكرية – وهي ملموسة ولا يتسع المجال لذكرها – وفرض مكانة تركيا على الساحتين الإقليمية والدولية كدولة متقدمة لها مكانتها وأهميتها الاقتصادية والسياحية والسياسية والعسكرية.
نال أردوغان ثقة شعبه بعد إنجازاته الوطنية الهامة، وعندما حدثت محاولة الانقلاب العسكري عليه في عام 2016 وهو خارج اسطنبول، وقف الشعب التركي والمعارضة كلاهما إلى جانبه بقوة، ضد الانقلابيين وافشلوا محاولتهم، لكي يستمر الإنجاز والتقدم في جميع المجالات بهذه البلاد، التي أنعم الله عليها بهذا القائد الوطني الأمين، فبادله الشعب حبا بحب ووفاء بوفاء . . !