يعتبر وجود مؤسسة ما في منطقة ما فاعلا اذا كانت هذه المؤسسة تستطيع التغيير بشكل ايجابي في مفاهيم المجتمع المحيط بها ، ويزداد دورها أهميّة اذا استطاعت تنمية قدرات المواطنين في الانخراط في البرامج التي تديرها أو تساعد في ادارتها ، سواء كانت هذه البرامج سياسيّة أو اقتصاديّة أو ثقافيّة أو غيرها .
لذا فعلى المؤسسات أهليّة كانت أم حكوميّة وضع برامج فاعلة يتمّ بموجبها قياس مدى تأثيرها في التغيير في هذه المجتمعات ، أمّا اذا وقفت هذه المؤسسات عاجزة عن وضع خطّة لحفز وتشجيع المجتمعات المحيطة بها ، فان عليها أن تعيد تقييم برامجها لجذب أبناء المجتمع للعمل بفاعليّة لتعزيز التوجهات الايجابيّة وتغيير التوجهات السلبيّة ان وجدت .
فمثلا يعتبر وجود جامعة في منطقة ما فاعلا اذا استطاعت أن تجعل أكبر عدد ممكن من أبناء المجتمع المحيط بها يتفهّمون وجودها وينخرطون في البرامج التي تقدّمها لهم في سبيل تطوير منطقتهم ، سواء عن طريق المعلومات الدقيقة التي تستطيع هذه الجامعات بإمكانياتها الكبيرة جمعها عن طريق الدراسات التي يقوم بها أعضاء هيئة التدريس أو الطلبة ، وتوجيه هذه المعلومات لتساعد في فهم واقع المعيشة وطرق تحسينها وتطويرها ، ومن ثمّ يمكن ربطها بالبرامج طويلة المدى التي توضع عادة لتحسين المستوى المعاش في المجتمعات المحليّة من كافة الجوانب .
والجامعة هي التي تساعد في رفع نسبة المتعلّمين والحاصلين على الشهادات العليا من أبناء المجتمعات المحليّة ، وتمكنهم من الحصول عليها دون عناء السفر الى مدن أخرى بعيدة أو الى خارج الدولة ، مما يرهق أولياء امورهم ماديّا . وليس صعبا في محافظة معان مثلا ، تجد أن نسبة المعلّمات من خريجات جامعة الحسين بن طلال في بعض المدارس الأساسيّة تصل الى ثمانين بالمئة ، والمدارس الأساسيّة عادة التي تتطلّب من المعلمات أن يكنّ على مستوى عال من الكفاءة ، كي يستطعن تحمّل عبء تنشئة الاطفال وتعليمهم وتأسيسهم بالأساس الصحيح ، مما يدل على أن الجامعة وفّرت للبنات بعد الثانوية الفرصة للدراسة الجامعيّة من دون أن ينتقلن الى مدن أخرى .
في الدول الأكثر تقدّما يقتطع جزء من أرباح الشركات المحيطة بمجتمع ما لدعم برامج التنمية فيها ، ويكون تأثير هذه الشركات كبيرا في تطوير وتحسين نوعيّة الحياة ليس فقط اقتصاديا ولكن أيضا ثقافيّا واجتماعيا وفي شتّى المجالات الحياتيّة . امّا اذا وقفت هذه المؤسسات الموجودة خصوصا في المجتمعات التي تنمو ببطء منغلقة على نفسها ، وغير قادرة على التفاعل مع متطلبات التغيير في المجتمعات المحيطة بها وغير قادرة على توفير جزء من موازناتها لدعم برامج التنمية والتطوير واحداث التغيير في التفكير السلبي وتغييره الى تفكير ايجابي ، فانّ فلسفة وجودها تكون على غير ما اسست من اجله هذه المؤسسات وعلى القائمين عليها التفكير جديّا في احداث التغيير المحمود الذي لا بدّ أن ينعكس ايجابا عليها . وهذا ما هو مطلوب من ادارة شركة تطوير معان وشركة الفوسفات والشركات الأخرى العاملة في المحافظة لزيادة مشاركها في تنمية المجتمع .
ثيرها في التغيير في هذه المجتمعات ، أمّا اذا وقفت هذه المؤسسات عاجزة عن وضع خطّة لحفز وتشجيع المجتمعات المحيطة بها ، فانّ عليها أن تعيد تقييم برامجها ، لجذب ابناء المجتمع المحيط بها للعمل بفاعليّة لتغيير التوجّهات السائدة .
د . عودة أبو درويش