صراحة نيوز – استعاد شاعر اللهجة المحكية اللبنانية طلال حيدر بأمسية شعرية في منتدى عبد الحميد شومان الثقافي، أمس الخميس، حوارياته مع البطولة وزهر البيلسان، والمطر الكثير الذي هطل في الغياب.
وشهدت الأمسية، التي تأتي ضمن فعاليات أسبوع جبل عمان الثقافي الخامس، وتنظمه مؤسسة شومان بالتعاون مع جهات ثقافية عدة، تفاعلًا مُلفتًا من الحضور.
الشاعر جريس سماوي، استهل الأمسية بتقديم حيدر للحضور، حيث قال: “مرة أخرى نحن على موعدٍ مع شمس الشعر، ومرةٍ أخرى نحن على موعدٍ مع مؤسسة شومان، وهذه المرة نحن في حضرة آخر الجوالين العرب، صديق الريح والخيل وركوة البن العربي”.
ووصف سماوي الشاعر بأنه “الماهر الذي يرمي عصاه فتنقلب إلى وردة في كتاب، وينفث في إبريق الزيت فيعود شجر الزيتون إلى عصره الروماني البعلبكي”، مضيفا إن حيدر “شاعر معرفي مثقف واعي لما يكتب وما يقول، وهو المتفائل الايجابي تجاه الحياة والإنسان، المنحاز إلى الفرح الإنساني”.
فيما قرأ حيدر عددا من القصائد المختارة ” ما دام، يا من حلب، وحدن، عتمة خياله، ركوة عرب، بتلبقلك المي، سر الزمان، قومي طلعي ع البال، فوق”.
كما تناول صاحب ديوان “آن الأوان” الغياب في قصيدته، التي غنتها الفنانة اللبنانية أميمة خليل، “وينن هنّ” التي تتناول من غاب، ومن ظلّ في الطرف الآخر وحيدا، يستجديه بالعودة… تقول القصيدة “راحوا/ لبسوا العَتِم/ بقامات مهيوب/ ناديت: بالله ارجعوا! ما تلفّتوا صوبي/ يا بدر ضوي السما/ كرمال محبوبي”.
والتمس الجمهور في قصائد حيدر استحضاره للمكان والمدن المختلفة في منطقة بلاد الشام، الذي أكّد أن ذلك لا يتعلّق بالسياسة، وإنما بالحضارة التي تتعلقّ بهذه المدن عبر تاريخها الطويل.
وقد تجول الشاعر حيدر، خلال إلقاء اشعاره، بين اغراض الشعر المختلفة، والتقط منها العديد من الإشارات وخاطب بها المرأة، على وجه الحقيقة حينا، وبلغة المجاز أحيانا أخرى، والمرأة في شعر حيدر لها حضور خاص يتجاوز شخص الحبيبة، وتمتد دلالته ليشمل المرأة في كل العصور، وأحيانا يجعلها رمزا للأرض وللأمة.
وعن مشاركته في الأمسية قال حيدر:” ليَ الفخر بمشاركتي بهذه الأمسية الرائعة، وهذا شرف كبير لي، وأشكر الجهود الكبيرة لمؤسسة شومان وما تقدمه لخدمة الإبداع والمبدعين”.
ويعد طلال حيدر أحد أبرز شعراء اللهجة المحكية في لبنان، حيث تم تلقيبه بـ “يوسف” الشعر المحكي، وقيل إنه شاعر الجنون، كما يعتبر “آخر الصعاليك العرب”.
كتابات طلال حيدر لم تستهوِ العوام فقط، بل وجدت عند كبار الفنّانين الملتزمين قيمة كبيرة، فغنى له كثيرون مثل فيروز ومارسيل خليفة وأميمة خليل ووديع الصافي ونجوى كرم وغيرهم؛ إذ حملوا أغانيه برقة أصواتهم، لتدخل البيوت دونما استئذان.
يشار إلى أن طلال حيدر ولد في العام 1937 في مدينة بعلبك بالبقاع اللبناني، وكان منذ طفولته التي عاش معظمها في بعلبك لصيقًا بالطبيعة وبالفلاحين وأشجار الصفصاف، وهو ما ظهر جليًا، في قصيدته الأولى “فخار” الذي قال عنها الشاعر اللبناني ميشيل طراد “الآن أكون مرتاحًا، لأني وجدت من يكمل الطريق عني”.
و”مؤسسة شومان”؛ هي مؤسسة لا تهدف لتحقيق الربح، تعنى بالاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي للمساهمة في نهوض المجتمعات في الوطن العربي من خلال الفكر القيادي والأدب والفنون والابتكار المجتمعي.