الرزاز ..حكومة الرجل المريض

14 يونيو 2018
الرزاز ..حكومة الرجل المريض

صراحة نيوز – بقلم فارس الحباشنة 

و أخيرا، أعلن رئيس الحكومة  عن تشكيل الحكومة . و يبدو أن الرزاز لم يعد يعرف بوصلته . حكومة حائرة و تائه ما بين وزراء الحكومة السابقة من لا يرغبون في ترك كراسيهم ، و بين حكايات  تقال بصوت حفيف بان كهنة الغرف المغلقة سلموا  الرزاز صباح اليوم الخميس قائمة  الوزراء .

رواة الجلسات الخاصة يتناقلوا حكايات ظريفة عن تشكيل الحكومة ، و تفاصيل مثيرة للسخرية ، فكل الشخوص الذين استدعائهم الرزاز للتشاور لم يجري اختيار أحد منهم ، وحتى أن رجائي المعشر جاء تعيينه بنصحية و توصية من جهة غامضة . 
الرزاز تفاجيء اليوم بأسماء الوزراء ، وحتى انه حينما  تسلم القائمة نطق بجملة اعتراضية ” لاحول ولا قوة الا بيد الله” قالها : بواسع من الحسرة ،  عندما وجد أسماء 15 وزيرا من الحكومة المخلوعة ، ووزير يحتفظ بحقيبتين  أثنتين  من الوزن الثقيل : البلديات و النقل ، وموسى المعايطة بقى محتفظا بوزارة الشؤون  البرلمانية .  جملة أعتراضية لمن يقولها الرزاز  ولكن سيأتي يوما يبوح بها دون مواربة ” أشيء بجعل العاقل يمزق أواعيه ويطلم على رأسه” . 
تشكيلة حكومية بلا طعم ولا نكهة ولا لون سياسي  . الكاهل القاسي رجائي المعشر نائب رئيس الحكومة  سيهندس ثقة النواب  بالطول والعرض ومن فوق الطاولة وتحتها  ، فهو خير خبير و عليم في نفوس الأردنيين ، وبالأخص أهل السلطة ، ولا تنسوا أن الرجل رئيسا لمجلس أدارة البنك الأهلي ، ومن هوامير  البزنس في البلد . 
تشكيلة حكمت على  الحكومة  بموت سريري بطيء . تشكيلة على مقاصة بنكية وجهوية وفئوية . 10 وزراء من أربد و 5 وزراء من أصول شامية و 6 وزراء سلطية ، و 4 وزراء من البنك الاهلي ،والاخيرة  هوية تعويضية بديلة عن فقدان الرزاز للبوصلة . 
حكومة على مقاسات ، يبدو أنها ستظهر خسارة قاسية جدا للبعض ، وخسارة ممكن تحملها مرحليا للبعض الأخر ، و خسارة غير قابلة للتعويض لقسم ثالث . وهي خسائر أصحابها يجروون بلا شك مراجعات ، وبعضهم ضرب رأسه في الحيط بعد الحيط الأول . 
ومن  يدخل الى كواليس حكومة الرزاز ، يندهش من التفاصيل ، وثمة روح غريبة تسكن الدوار الرابع . و لربما أن الرزاز قد يكتشف في عطلة العيد ما وقع من خديعة ومكر وغدر . فالرجل لا أقل ولا أكثر من موظف أتسع فراغه ، فلا هو كاريزما ولالديه مشروع و نهج ، ولكنه بالنسبة للجماهير قد خان الوصاية والأمانة الشعبية قبل أن يبدأ . 
كم أن الشعب الأردني مغدور و ضحية ؟  أساطير عاطفية تفجر كوميديا ، أذ لو كانت كل الفرص السياسية متاحة فلا يصلح للرزاز أن يكون رئيس الحكومة الذي جال في وجد وخيال الأردنيين كاسطورة ومخلص ومنقذ  ، فلا يصلح لأي مناسبة بعدما أعلن عن تشكيلة حكومة منتهية الصلاحية . 
كوميديا بيضاء وسوداء ، حكومة بلونيين ، فلو تضع خطا رفيعا بين الفريق الوزراء لادواء القسم لهاني الملقي ، و خطا رفيعا موازيا لادواء القسم للبنك الاهلي . الرزاز لم يعرف أن يكون مضمد جروح للأردنيين و يا حسرتي ، حتى أنه لم يعرف كيف يصنع أملا ويبدد خوفا و يزرع سكينة و قليل من الثقة . 
تركيبة وتشكيلة حكومية عجيبة و غريبة . حكومة بلا سياسيين ، وحكومة تنفيع و تلزيم لأصدقاء ومحاسيب و أقارب وما شأكل ، حكومة بلا صلاحيات و تنفذ . حكومة قديمة ، والجديد رئيس الحكومة ، غيرت ولم تتغير ، شرعيتها من هاني الملقي والبنك الاهلى ، خلطة غريبة وعجيبة ترضى بعض السحرة وأهل الكنهوت ، ولكنها تفجر غضبا جديدا في الشارع الاردني . 
ورثة الكراسي وحيث المعرفة والسلطة تسيران من أعلى الى اسفل ، والترتيبات كلها تدار في الكواليس المغلقة ، أو وفق مساحات وقوائم  يحددها الكهنة  خلف ستارهم الغامض والسحري .  
هبة أيار ، وستعود في حزيران ، فهي نقطة أرتكاز جديدة في السياسة الأردنية ، عندما تبدأ الديمقراطية الشعبية من أسفل الى أعلى . فالحراك حرر علاقات تقليدية قديمة ، وفجر قوة في المجتمع ، وغير أنها مازلت  في مرحلة الطفولة ، والتكون الأول بلا تجارب وخبرات ، وكلما زرع غرس يتم التأمر و الاعتداء عليه لازالته ومحموه . 
انها لحظة صراع ما العقل القديم يريد أعادة كل شيء على موديله الجاهز ، وهو العقل الذي أختار رجائي المعشر ، وما بين عقل جديد أميل الى تفكيك الموديلات و الاصنام والهوامير والديناصورات من الأبدين والخالدين في السلطة . 
تاريخ الاردن ، ومواصفات رؤوساء الحكومات ، لا توحي بأمكانية تغيير و أصلاح حقيقي . لذلك ، على الارجح سنكون أمام جولات من الانفعال والغضب الشعبي ، في مواجهة منظومة بمصالحها التقليدية القائمة منذ فجر ولادة الدولة الاردنية .
الاخبار العاجلة