صراحة نيوز – بقلم أسعد العزوني
من المعروف أن المتمسح بالإنجليكانية “المسيحية الصهيونية” والجمهوريين الرئيس ترامب ،دخل البيت الأبيض بقدمين مهزوزتين لأن الفضائح الشخصية والسياسية رافقته كظله منذ بدء حملته الإنتخابية ،وتوجتها فضيحة التزوير الروسي للإنتخابات التي ساعدته على الفوز بدلا من مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون.
من سهّل له الفوز ليصبح رئيسا للولايات المتحدة وهو الرئيس بوتين بطبيعة الحال ،يعلم جيدا أنه إختار الرجل المناسب للمهمة المناسبة ،وهي تفكيك الولايات المتحدة الأمريكية ردا عهلى قيام أمريكا بتفكيك الإتحاد السوفييتي على يد الجاسوسين غورباتشوف ويلتسين ،وها هو ترامب بجهله في أمور الحكم ،يقوم بمهمته خير قيام،رغم إستنفار المؤسسات الأمريكية للحد من تدميراته المتواصلة.
لا تخفي الشخصيات والمؤسسات الأمريكية الفاعلة مدى خطر وجود ترامب في البيت الأبيض ،وآخر رسالة تنبيه له قبل أيام من قبل نائب الرئيس اوباما السابق جو بايدن اليهودي الذي وجه له رسالة نارية قال له فيها :من أنت ؟لقد دمرت سمعة امريكا ،كما أنه قال في محاضرة عن افعتداء الجنسي أنه لو كان ترامب زميله في الدراسة لضربه حتى يبكي ،واصفا إياه بانه المثال الأعلى في قمة القذارة الجنسية ،لتفاخره بقدرته على إغواء النساء.
لم يقم ترامب بدور الرئيس الفعلي المطلوب لأمريكا ،بل كان يتخبط ومنذ اليوم الأول ،يعين هذا ويفصل ذاك محذرا أن لا مكان في البيت الأبيض إلا لمن يكن له الولاء ،ولذلك لم يبق في البيت الأبيض رجل ذو وزن ،وآخرهم إستقالة مدير البيت الأبيض ،إحتجاجا على إدارة ترامب للأمور.
كما أن ترامب وعلى غير عادة الرؤساء الأمريكيين السابقين أشهر سلاحه في وجوه حلفاء أمريكا من اوروبيين وغيرهم ،ويتحدى الصين بفرض 200 مليار ضرائب على المنتجات الصينية،ليثبت جهله في أمور السياسة لأنه لم يفرق بين الحليف والصديق وبين العدو،كما انه إنسحب من المعاهدات الدولية المهمة مثل المناخ وقلص الدعم الأمريكي لوكالة الغوث وإنسحب مع مستدمرة إسرائيل من منظمة اليونسكو،وها هو اليوم ينسحب إرضاء لإسرائيل من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
ما تزال الضربات المؤسسية الأمريكية تتهاوى فوق رأس ترامب الذي بات يتأرجح ويترنح تحت ثقل تلك الضربات وخاصة منذ مجيء المحقق الأمريكي الخاص موللير، الذي أمر قبل أيام بسجن مدير حملة ترامب السابق على خلفية التزوير الروسي للإنتخابات الرئاسية الأمريكية ،سبق ذلك الحكم على مؤسسته الخيرية بدفع 2.8 مليار دولار ومنعه من ممارسة العمل الخيري لعشر سنوات مقبلة ،الأمر الذي سيزيد من متاعبه السياسية.
ويتسابق ترامب مع المؤسسات الامريكية التي تحث الخطى هي الخرى في حسم مسألة بقاء الرئيس ترامب في البيت بطرده منه شر طردة ،ولكنه وبالتعاون مع مستغليه الصهاينة يحاول القيام بمسكنات أهمها المخاطرة الأمريكية التي تمثلت في الإعتراف بالقدس المحتلة عاصمة أبدية موحدهة لمستدمرة إسرائيل ،ونقل السفارة الأمريكية إليها.
كما أنه يحث الخطى هذه الأيام لفرض صفقة القرن مع شركائه في التآمر على امريكا أبناء مردخاي الدونمي في السعودية وأبناء زايد في الإمارات الذي يكنون العداء للأردن الرسمي أيضا، وها هما مبعوثا الرئيس ترامب جيسون غرينبلات وصهره الصهيوني كوشنير يسوقان صفقة القرن في المنطقة ،ويطلبان من دول الخليج العربية دفع مليار دولار للإستثمار في غزة لتهدئة الوضع الأمني ،وكذلك إستثمار ما بين نصف مليارإلى مليار دولار في غزة لإقامة مشاريع إستثمارية طويلة الأمد في غزة ،بمعنى أنه يسعى لتحقيق المشروع الإسرائيلي وهو السلام الإقتصادي ،كما انهم يريدون فصل غزة عن الضفة الفلسطينية، والتنازل عن القدس لسحب الوصاية الهاشمية من جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ،كحسم للصراع الدائر بين آل سعود والهاشميين.
وقد سهّل له الرئيس بوتين لقاء القمة مع الرئيس الكوري الشمالي كيم أون قبل أيام في سنغافورة وإتفق الطرفان على إلغاء البرنامج النووي الكوري الشمالي ،كنصر مؤزر للرئيس ترامب ،دون ان يعرف العامة انها لعبة أتقنها الرئيس بوتين لتثبيت صديقه وشريكه ترامب في الحكم ،كي يتمكن من أداء مهمته وهي تفكيك امريكا كما أسلفنا.
ما يمكن إمتداح الرئيس ترامب به خلال العام الأسود الذي قضاه في البيت الأبيض ساكنا غير مرغوب فيه ،هو انه يعمق عزلة أمريكا يوما بعد يوم ،ويمهد لتفكيكها ساعة بعد ساعة،وهذه هي مهمته التي جاء من اجلها .