صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
من المعروف أن الصحافة بمختلف أنواعها المقروءة والمسموعة والمرئية، هي وسائل تنوير وتوعية للشعب بقضاياه الوطنية والمعيشية، وعرضها بأمانة أمام صاحب القرار. كما أنها تحمل رسالة نبيلة في توجيه الرأي العام لما فيه رفعة الوطن وحماية أمنه الوطني. ولهذا اكتسبت الصحافة ثلاثة ألقاب معبّرة هي : السلطة الرابعة، وصاحبة الجلالة، ومهنة المتاعب.
جلالة الملك حسين – طيب الله ثراه – أراد أن تكون جريدة الرأي عند تأسيسها في عقد السبعينات الماضي منبرا للمثقفين الشرفاء، تعرض الرأي والرأي الآخر وميدانا للكلمة الصادقة، التي تخدم الوطن بعيدا عن التضليل والنفاق. ولكن مع الأسف أصبحت هذه الجريدة في الوقت الحاضر، ميدانا لبعض كتاب التسحيج وقلب الحقائق، حتى وإن كانت تخالف قناعاتهم.
جلالة الملك عبد الله الثاني أيضا يؤمن بالدور النبيل لرسالة الصحافة المهنية، وضرورة منحها الحرية المنضبطة لخدمة الوطن. وتأكيدا على ذلك فقد أعلن خلال احتفال لنقابة الصحفيين بتاريخ 25 / 9 / 2007 ما يلي : ” أنه لن تكون هناك قيود على حرية الصحافة في الأردن “. وفي كتاب التكليف الموجه لرئيس الحكومة بتاريخ 17 / 10 / 2011 قال جلالته :
” إن إطلاق الحريات الإعلامية، يجب أن يتم بالتوازي مع الحفاظ على المهنية والمصداقية، والانفتاح على كل الآراء والاتجاهات الفكرية والسياسية، بحيث تكون المؤسسات الإعلامية المقروءة والمرئية والمسموعة و بما فيها المواقع الإلكترونية، منابر للحوار الوطني الهادف البناء، والبعيد عن الغوغائية والتحريض والإساءة لصورة الوطن واغتيال الشخصية . . . فليس من حق أحد الادعاء باحتكار الحقيقة أو الادعاء باحتكار الحرص على المصلحة الوطنية “.
ولكن مع الأسف فإن حكوماتنا المتعاقبة تمارس عكس هذه التوجيهات الملكية. فالصحفيون يسجنون لأتفه الأسباب، ووسائل الإعلام تمارس التضليل وتغلق صفحاتها أمام الكتاب الوطنيين والآراء والاتجاهات الفكرية المتقدمة. كما أنها لا تستجيب لحق الردّ الذي ورد في المادة (27 – 1) من قانون المطبوعات والنشر، بينما تفتح صفحاتها لمن ينادي بصوت الحكومة مهما كانت طبيعته، وتغلقها لمن يقدم أي رأي مخالف.
وعلى سبيل المثال فقد رددت بتاريخ 1 / 12 / 2015 على أحد كتاب الرأي، معارضا إقامة المشروع النووي الذي راح الكاتب يسوّقه على الشعب، والذي ثبت فشله فيما بعد. ولكن رئيس التحرير في حينه رفض نشر ذلك الرد. وبتاريخ 6 / 4 / 2019 كتبت مقالا أردّ به على أحد كتاب الرأي الذي نشر مقالا على إحدى صفحات الجريدة قبل ذلك بيومين، وأكد به الإساءة لعدد من المتقاعدين العسكريين، ولكن رئيس التحرير الحالي لم يعمل على ينشره.
هذه التصرفات من قبل رؤساء تحرير جريدة الرأي المتعاقبين، يدل على أنه مهما تغيرت إدارة ورئاسة تحرير هذه الجريدة، فإن نهجها ثابت يبتعد عن المهنية الصحفية، التي عرفناها عنها أيام محمود الكايد وسلامة حماد وسليمان عرار – رحمهم الله – فانطبق عليها اليوم لقب : “جريدة الرأي الواحد “.
وهنا أود التوجه خلال الأيام القادمة، بشكوى مكتوبة إلى القضاء العادل، وأسأل إن كانت القوانين توضع لديكور يلونه المسؤولون حسب أمزجتهم، أم أنها توضع لتنظيم العمل المؤسسي، وعلى المسؤولين الانصياع لها، تنفيذا لقول جلالة الملك عبد الله الثاني بأن ” لا أحد فوق القانون ” ؟
التاريخ : 19 / 4 / 2019