صراحة نيوز – بقلم موسى العدوان
تذكّرني الأحداث الاجتماعية هذه الأيام، بقصة الحجاج بين يوسف الثقفي ( 660 – 714 م ) وزوجته، هند بنت المهلب أبي صفرة، وهي قصة مشهورة ومعروفة للكثيرين. ونظرا لطرافتها وبلاغاتها سأذكّر بمطلعها كما ترويها كتب التاريخ، تاركا لمن يرغب من القراء بإكمال البحث عنها والاستمتاع بقراءتها.
فهند هي من أجمل وأذكى النساء في زمانها وذات حسب ونسب معروف. تزوجها الحجاج رغم إرادتها وإرادة والدها. وفي أحد الأيام وبينما هي تطالع جمالها في المرآة، وكان الحجاج يراقبها عن قرب ولكنها تجاهلته وأنشدت :
ومـا هند إلا مهرة عربية * * سليلــة أفراس تحـلـلـها بـغــل
فإن ولدت مهرا فلله درها * * وإن ولدت بغلا فمن ذلك البغل
غضب الحجاج عند سماع ما قالته زوجته هند، فأرسل إليها حاجبه قائلا له : ابلغها الطلاق بكلمتين فقط، وأعطها هذه العشرين ألف دينار. ذهب الحاجب إليها وقال لها : ” كنتِ . . فبنتِ ” أي أصبحتِ طالق، وقدم لها المبلغ الذي أرسله زوجها الحجاج. ولفصاحتها أجابته فورا : ” كنّا فما فرحنا . . وبنّا فما حزنا “، وخذ هذا المبلغ كاملا بشارة لك على هذا الخبر.
بقيت هند دون زواج حيث لم يجرؤ أحد على خطبة طليقة الحجاج، وهي لن تقبل بزوج لها أقل من مكانة الحجاج. فأغرت بعض الشعراء بمدح جمالها ورجاحة عقلها عند الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان ( 646 – 705 م ). فأرسل يطلب الزواج منها، ولكنها ردت في رسالتها الجوابية قائلة : ” إن الكلب قد ولغ في الإناء “.
فهم الخليفة قصدها، فأرسل لها بأن الرسول ( ص ) قال : إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم، فليغسله سبع مرات إحداهن بالتراب “. وافقت هند على الزواج من الخليفة ولكن بشرط، أن يقود جملها من الجاز إلى بغداد الحجاج بن يوسف الثقفي، فاستجاب الخليفة لطلبها.
وخلال المسيرة على الطريق إلى بغداد، أسقطت هند متعمدة بدينار على الأرض وقالت للحجاج : أيها الجمّال، وقع مني درهم على الأرض فناولنيه. وعندما تناوله الحجاج قال لها هذا دينار وليس درهم. فأجابت هند : الحمد لله الذي استبدل درهمي بدينار . . ! وللقصة بقية ممتعة . . . فمن يرغب بمعرفة نهايتها، عليه أن يتابع تفاصيلها من بطون الكتب، أو من قلب الشبكة العنكبوتية.
وأتساءل أخيرا : هل هناك من تشابه بين ما جرى في الماضي البعيد، وما يجري هذا اليوم ؟
التاريخ : 12 / 7 / 2029